وصلت بطولتا أمم أوروبا "يورو "2020 وكوبا أمريكا 2021 إلى المحطة الأخيرة، وصار جمهور كرة القدم بجميع أنحاء العالم على موعد نارى وحاسم للبطولتين، بعدما ضربت إيطاليا موعداً مع إنجلترا فى نهائى اليورو، بالإضافة إلى "كلاسيكو الأرض" الذى يجمع البرازيل والأرجنتين فى نهائى الكوبا، إلا أن تلك المباراة ربما فقدت شغفها الكبير حتى صارت بلا طعم أو روح، ولم تعد ذلك السوبر كلاسيكو الذى ينتظره الملايين بجميع أنحاء الكوكب، ولم تحظ بالاهتمام الإعلامى في دول العالم، وربما خطفت مواجهة الإنجليز والطليان الأضواء قبل الموعد المرتقب.
ولكن.. لماذا فقد "كلاسيكو الأرض" رونقه فلم تعد مباراة البرازيل ضد الأرجنتين تحظى بالاهتمام الإعلامى والجماهيرى الضخم الذى اعتدنا عليه، وهل مواجهة ميسي ونيمار أصبحت عادية أم أن هارى كين خطف منهما الأضواء في صدر صحف العالم حتى وصفت ليكيب الفرنسية إنجاز كين بعدما قاد إنجلترا لنهائى اليورو بعنوان "هابى كين"، وهل فقدت كوبا أمريكا الشغف الجماهيرى طوال شهر كامل لم تحظ خلاله بالمتابعة الجماهيرية المنتظرة، هل يرجع ذلك للتوقيت السيئ للبطولة، سواء لتزامنها مع اليورو أو توقيت إذاعة المباريات، أو تعرض البطولة للظلم عندما أُجبر القائمون عليها لإقامتها فى البرازيل.
ربما لعب الجانب السياسى دوراً محورياً فى غياب الشغف الجماهيرى عن بطولة كوبا أمريكا قبل انطلاق أولى مبارياتها، عندما قرر القائمون على المسابقة إقامتها فى البرازيل بعد اعتذار الأرجنتين وكولومبيا عن استضافتها بسبب تفشى فيروس كورونا، وهو ما قوبل بموجة من الرفض سواء في الشارع البرازيل أو داخل معسكر السيليساو، وحظى فقط بمباركة الرئيس اليمينى جايير بولسونارو، وهو ما ترجمته تصريحات لاعبى المنتخب البرازيلى أنفسهم عندما أبدوا اعترضهم على طريقة نقل البطولة إلى بلادهم، فضلا عن غياب الجمهور عن المباريات، خاصة جمهور السامبا المعروف بعشقه لكرة القدم ودعمه القوى لمنتخب بلاده بجميع المحافل واحتفالاته الصاخبة وتقاليعه المميزة بالمدرجات، لذا افتقدت مباريات الكوبا أهم المقومات وهى الروح الحقيقية لكرة القدم، وهو ما تحقق فى اليورو، امتلأت المدرجات فحضرت الروح والمتعة والإثارة بملاعب أوروبا عكس أمريكا الجنوبية التى غابت عنها تلك الروح.
موجة الغضب الجماهيرى انعكست على البطولة وظهر صداها على مبارياتها، وكشفت بعض الإحصائيات أن مباراة نصف النهائى بين الأرجنتين وكولومبيا جذبت جمهوراً أقل ثلاث مرات عن المسلسلات المعروضة فى ذلك اليوم على قناة "جلوبو" البرازيلية. وفى ساو باولو جذبت مباراة نصف النهائى بين إسبانيا وإيطاليا اهتمام نصف عدد المشاهدين لمباراة البرازيل وبيرو في الكوبا، بحسب الإحصائية.
مباريات كوبا أمريكا لا تقل قوة و إثارة و متعة عن بطولة اليورو، إلا أن توقيت إقامة المباريات ربما أضاع على قطاع كبير من الجمهور مواجهات قوية وممتعة، ساعد على ذلك مواعيد الكوبا وإقامتها فى ساعات متأخرة من الليل، ما ساهم فى تحويل بوصلة جزء كبير من الجمهور تجاه أمم أوروبا، وهو ما حدث أيضاً فى نهائى البطولة بين البرازيل والأرجنتين أو "كلاسيكو الأرض" كما تلقبه الصحف ووسائل الإعلام وينتظره الملايين بجميع أرجاء الكوكب، ولو فكر مسئولو البطولة فى تقديم موعد النهائي بشكل يتناسب مع جمهور الشرق الأوسط لربما اختلف الأمر كثيراً، الأمر الذى يتطلب تدخلاً جاداً من جانب المسئولين عن المسابقة للنظر فى مواعيد إقامة المباريات بالشرق الأوسط فى النسخ المقبلة، حتى تستعيد كوبا أمريكا رونقها وشغفها المعروف والمميز لدى الجمهور العاشق لكرة القدم القوية الممتعة.