يقينا ما تشهد الدورة الـ52 من معرض القاهرة للكتاب 2021، نجاحا كبيرا حتى الآن رغم ظروف جائحة كورونا الاستثنائية، بل نستطيع القول إنها أعادت بشكل كبير قوة مصر الناعمة من جديد لمحفل ينتظره عشاق القراءة والإبداع والمفكرون كل عام بفارع الصبر، ليس فى مصر فقط بل فى الوطن العربى والعالم أجمع.
فأجمل ما فى هذه الدورة الـ52 هذا العام، نجاح مبادرة "ثقافتك كتابك" تلك المبادرة التى أطلقتها وزارة الثقافة، والتى تضم مئات العناوين من إصدارات دور النشر وقطاعات الثقافة المختلفة بأسعار منخفضة للغاية من جنيه واحد فقط إلى 20 جنيها، فلك أن تتخيل حجم الإقبال الحادث حتى الآن وخاصة من الشباب والأطفال عليها، لتصبح حقا بمثابة إحياء للأمل فى جيل يقرأ.
أما النجاح الباهر، والذى يؤكد قطعا أن مصر دخلت عهد الثقافة الرقمية بامتياز، ما حققته المنصة الإلكترونية للمعرض من نجاحات في بناء الإنسان وتنمية الوعى والمعرفة وفقا للمفردات العصرية الحديثة، وهذا ما تأكد حدوثه بعد تسجيل زيارات بالملايين من جميع دول العالم، وكذلك حجز تذاكر المعرض والحصول عليها يكون من على هذه المنصة وبالمجان، خلاف أن هذه المنصة الرقمية تشمل كافة التفاصيل والخدمات التي تهم الزوار إلى جانب احتوائها على أنشطة وفعاليات تجرى "أون لاين"، وكذلك تتضمن خريطة للمعرض كاملة، وتدعيمها بغرفة عمليات وخدمة دعم فنى "أون لاين" وخدمة أيضا "العملاء" ووجود تطبيقات واتس آب فكل ذلك سهل التحرك والتسجيل والاستفادة وساهم في هذا النجاح.
ومن الأشياء المهمة التى تستحق التقدير، النظام المتبع والصارم التى يراعى الصحة العامة للزوا ظل جائحة كورونا، ونموذجا، تخصيص مسار خاص لكبار السن وذوي القدرات الخاصة، والسماح لهم بالدخول بصحبة مُرافق من جميع بوابات الدخول، وتطبيق الإجراءات الاحترازية كارتداء الكمامة، وقياس درجة الحرارة، والمرور عبر بوابات التعقيم ومسافات التباعد، وتحديد حدٍ أقصى للطاقة الاستيعابية لكل قاعة عرض، كل هذا شجع الزوار على الذهاب لأنهم سيكونون في آمان تام.
وختاما، إن ما يميز مصر حقا، أنها تتمتع بسلاح القوة الناعمة، والتى يعد أكثر فتكا من أسلحة الدمار الشامل، ودائما ما تستخدم مصر هذا السلاح للتعبير عن الآداب والفنون والإعلام ودورها في التقارب بين الشعوب والدول، ونشر التسامح ونبذ التطرف، ومن أهم منابرها فى هذا الشأن معرض القاهرة للكتاب التى يعد ايقونة حقيقية وحدث حضارى كبير ينتظره العالم كل عام لينهل الجميع من مشارف الفكر والإبداع..