حوادث الإهمال الطبية باتت خطيرة ومتكررة، تطفو فقط عندما يكون الضحية من المشاهير، لكنها موجودة بدرجة أو بأخرى في القطاع الصحى، الأمر الذى يدعونا إلى الوقوف على حدود هذه الظاهرة، والبحث عن حلول عاجلة لخطورتها المباشرة على حياة المواطنين، والدعوة إلى الحد منها ومحاسبة المخطئ من خلال القانون، بالإضافة إلى نقابة الأطباء وآليات التأديب والعقاب الموجودة في قوانينها ولوائحها.
الخطأ الطبي الذى تعرضت له الفنانة ياسمين عبد العزيز، ومن قبلها الفنانة فاطمة كشرى، وسلسلة متصلة من الفنانين والإعلاميين، على مدار الفترة الماضية، يؤكد أن هناك مشكلة يجب الوقوف عليها، والسعى لحلها، لاسيما أن حالات الإهمال الطبي تحدث بصورة دائمة ومتكررة داخل المستشفيات الخاصة، والعيادات الاستثمارية، ولا نرصدها بنفس القدر في مستشفيات وزارة الصحة، أو المستشفيات الجامعية والتعليمية.
في العام 2006 نشرت موضوعاً في إحدى الصحف بعنوان "جريمة في بطن عامل"، وكان مفادة أن عامل فى السكة الحديد، تعرض لخطأ طبي من أحد الجراحين، كان نتيجته أن الأخير ترك "جفت جراحى" طوله 12 سم، بعد إنهاء الجراحة، ولم يتنبه إليه، وظلت هذه الجريمة في بطن العامل المذكور لمدة 8 سنوات، حتى كشفتها الأشعة التلفزيونية، فقد ظل الجفت الجراحى في تجويف البطن طول هذه المدة، إلا أنه تسبب في الكثير من المشكلات والآلام والمتاعب لهذا العامل، دون أن يحصل على التعويض المناسب أو مقاضاة الطبيب في هذه الواقعة النادرة من الإهمال الطبي.
الجراح يجب أن يكون شجاع ومتماسك، ويده يجب أن تكون قوية لا ترتعش أبداً، لكنه يجب أيضا ألا يكون "قلبه ميت" ويتعامل مع المريض باعتباره إنسان له أهل وأسرة وأصدقاء ومحبين، بل وأحياناً فنان وشخصية عامة له جماهير وأنصار بالآلاف، ربما الملايين، لذلك يجب النظر إلى قضية الإهمال الطبي في ضوء تشريع صارم، يحدد بدقة الحالات التي تخص وقائع الإهمال الطبي بداية من التشخيص الخاطئ، مروراً بالأدوية والوصفات الطبية غير السليمة، حتى العمليات الجراحية، وعلى نقابة الأطباء أن تساهم بصورة فعالة في هذا التشريع، حتى تصون مهنة أعضائها، وتحافظ على سمعتها، خاصة بعد الحالات المتكررة للأخطاء والمشكلات الطبية.
كل مهنة لها أخطائها ومشكلاتها، لكن عندما يتعلق الموضوع بأرواح الناس وحياتهم ومستقبل أسرهم، يجب أن تكون هناك وقفة، ويجب أن يكون الخطأ في أقل مستوياته، وكل خطوة مبنية على الدليل والبرهان، وليست مجرد اجتهادات أو رؤية فردية، بل كل خطوة محددة وقائمة على العلم المتراكم والخبرات الكافية، خاصة أن مهنة الطب لها قدسية واحترام خاص في المجتمع، وعلينا أن نحافظ على هذه الصورة.