هل يوجد بالفعل "حسد"؟.. نعم يوجد "حسد"، فـ"الحسد" مذكور في القرآن الكريم، و"الْعَيْنُ حَقٌّ، ولو كانَ شيءٌ سابَقَ القَدَرَ سَبَقَتْهُ العَيْنُ"، وللآسف تطور "الحسد" مؤخرًا، من الحسد على أرض الواقع للحسد على السوشيال ميديا "أون لاين".
لا تتعجب عندما تكون في مناسبة سعيدة وتضع صورك وفيديوهاتك على صفحتك الشخصية، وتجد من ينظر إليك بـ"عين حسود"، ومن ينظر لكتاباتك وبوستاتك المبهجة على منصات "التواصل الاجتماعي" بـ"عين حاسد".
البعض منا ـ ولا أبرئ نفسي ـ يُسرف في وضع الصور الخاصة على السوشيال ميديا، خاصة صور الأطفال والمناسبات الخاصة، ثم يشتكي لاحقًا من تبعيات ذلك إذا داهمه المرض أو تعرض لحادث مفاجئ وغيرها من الأمور الأخرى.
للأسف، بعضنا يبوح بكل شيء عن حياته الخاصة، فلا خصوصية مع وجود منصات التواصل الاجتماعي، ولا أسرار مع الأصدقاء، فكل شيء مباح، نتحدث عن كل شيء، عن أدق التفاصيل في حياتنا لغيرنا، يقابلها بعضهم بـ"عين الحسد"، فتنقلب حياتنا رأسًا على عقب.
ما أقوله لك هنا ليس حديثًا يُفترى، ولكنها حقائق موجودة، كان آخرها جريمة قتل جرت تفاصيلها في إحدى المحافظات عندما قتلت سيدة زوجها، بعدما عاش الاثنين 4 أعوام يكسوها الحب والود والتفاهم، إلا أن حياتهما كانت متاحة للجميع، فطالتهما عين الحسد، وانتهى الأمر بقتل أحدهما للآخر، قد تكون هناك أسباب أخرى للجريمة ولكن الحسد ربما يكون ضمنها.
ما قاله الأقارب بعد الجريمة يؤكد ذلك، من عينة "ده جايبلها تكييف..ده حاجزلها الغردقة...ده جايبلها صن بلوك بـ 300 جنيه..ده جايبلها عباية بـ 1500 جنيه .. ده جايبلها باب ناموس..ده جايبلها ستارة بريموت.." وهكذا.
وقبلها بعدة أيام، كان عريس يستعد لعُرسه، وقبل الزفاف بأيام بث كل شيء "لايف"، "نقل الأثاث وتجهيز الشقة"، كنوع من الفرح والبهجة ومشاركة الأهل والأصدقاء لحظات الفرح، وعندما حاول مشاركة العمال رفع الأثاث لشقته سقط من مكان مرتفع ليموت، ويدخل القبر بدلًا من عشة الزوجية، ويسير أقاربه في جنازته بدلًا من زفافه.
إذًا.. هل مطلوب منا عدم الحديث نهائيًا عن حياتنا الخاصة؟ أو عدم وضع صور وفيديوهات لنا على صفحاتنا الخاصة؟.. الإجابة "لا بالطبع"، ولكن كل شيء يكون متزنا ومنضبطا وبمقدار، فلا نسرف في الأشياء ولا نمنعها نهائيًا، وإنما نتعامل بوسطية واعتدال في كافة أمورنا، عسى الله أن يخرجنا جميعًا سالمين.