تحدثنا فى مقال سابق عن أهمية ملتقى الإفتاء العالمى، الذى عقد فى القاهرة، الاثنين والثلاثاء الماضيين، وأكدنا أن ضبط الفتوى بمثابة أعظم مفاتيح الخير والإصلاح فى المجتمعات، وان حضور علماء 85 دولة حول العالم للقاهرة لمناقشة قضايا الفتوى والخطاب الدينى، وحرص الرئيس السيسى على مقابلة بعض هذه الوفود، نجاح لمصر فى استعادة ريادتها وقوتها الناعمة، وخارطة طريق ترعاها الدولة المصرية لمحاربة التطرف، ونشر الاعتدال حول العالم، لكن ما نريد أن نتحدث عنه اليوم، أن الملتقى والحمد لله نجح فى إطلاق عدة توصيات ومبادرات مهمة نتمنى تحقيقها لتؤتى ثمارها فى المستقبل القريب، فى ظل معاناة العالم من التنظيمات التكفيرية، واستغلال السوشيال ميديا لنشر التطرف.
وأعتقد أن معظم التوصيات والمبادرات محل تقدير وأهمية، لكن ما استوقفنى حقا، هو إعلان وثيقة "التعاون والتكامل الإفتائي" لتكون أول وثيقة تقرر قيم ومبادئ وضوابط وآليات التعاون والتكامل بين مؤسسات الفتوى، وكذلك إنشاء مكاتب تمثيل للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء حول العالم، فالبفعل تحقيق وتفعيل هذا سيكون بمثابة إنجاز ضخم فى مواجهة المغالطات والأفكار المتطرفة والتنظيمات التكفيرية، لأن ذلك يعد تحركا فعليا لضبط الفتوى بشكل مؤسسى وتكاملى، من خلال خارطة طريق واضحة ومنضبطة.
وأيضا من أهم المبادرات التى سيكون لها تأثير مهم وعظيم، هو إطلاق التطبيق الإلكترونى العالمي للفتاوى، وهو تطبيق بالإنجليزية والفرنسية يهدف إلى ضبط الخطاب الإفتائي وتلبية حاجات المجتمعات المسلمة من فتاوى، وأهمية هذا، أنه يتعلق بمواكبة الحداثة فى ظل تأثير وسائل الاتصال الحديثة وما تعرف بمواقع التواصل الاجتماعى ومنصات السوشيال ميديا، وتأثيرها على الخطاب الدينى ورواج التطرف والفتاوى الشاذة لأنها متناول الجميع دون رابط او رقيب.
وختاما، نقول، إن مصر تواصل بكل قوة وبكل الطرق نشر ثقافة الاعتدال والإفتاء الرشيد، وهذا ليس فى مصر فقط، وانما تسعى لنشرها فى العالم أجمع، ما يؤكد دورها الفاعل فى محاربة الارهاب والتطرف بالإنابة عن العالم، وذلك من خلال تسخير كل منابرها وقوتها الناعمة بدءا من قلعة الأزهر الشريف أو عبر المؤسسات الدينية المختلفة التى تعد محل تقدير من العالم أجمع، مثلما نرى اليوم مؤسسة دار الإفتاء ونجاح مؤتمرها العالمى فى تدشين دور للإفتاء فى كثير من دول العالم لتكون طاقة نور وخارطة طريق نحو الاعتدال والرشد ليعم السلام، وتنعم الإنسانية بصحيح الدين وتسامح البشر واستقرار الأوطان..