لو كنت من معتادي استخدام التاكسي الأبيض، ستعرف أن القليل من أصحابه يستعملون "العداد" في تقدير المشاوير، ويراهنون دائما على كرم أخلاق الزبون، أو سذاجته في كثير من الأحيان، إلا أنه منذ رفع أسعار البنزين، بواقع 25 قرشا للتر الواحد من لجنة التسعير الحكومية، بمجرد فتح باب التاكسي الأبيض يبدأ السائق تشغيل العداد، وهذا أمر غير معتاد، فقد كان تشغيل العداد "حلم"، إلا أن الموضوع قطعاً يحمل سراً جديداً.
نعم هناك حيلة بدأ أصحاب التاكسي الأبيض فى استخدامها، وهى التلاعب في عداد الاستهلاك الكيلومتري، بحيث تصبح آلية العد أسرع، وهذا يرفع الأجرة والتعريفة الموحدة من قبل الحكومة بفارق يصل إلى نحو 40% تقريباً عن الأسعار الحقيقية، والحيلة تتم من خلال بعض المحترفين في التلاعب بالعدادات، بحيث يتم تسريع دورة العد، فكل 600 متر يحتسبها العداد كيلو متر، بالإضافة إلى "فتحة العداد"، وقيمتها 7 جنيهات، التي مفترض أن تعطى للزبون مسافة سير 1 كيلو متر، ثم يبدأ العداد دورته خلال الطريق بواقع 3 جنيه لكل كيلو متر، إلا أنه مع عمليات التلاعب التي تتم الآن يتغير العداد بمجرد التحرك، وهذه الحيلة يمكن كشفها بسهولة عند استخدام التاكسي في المسافات القصيرة.
مراجعة العدادات الخاصة بالتاكسي الأبيض مسئولية إدارات المرور عند الفحص الفني لتجديد التراخيص، وإدارة السرفيس الموجودة بكل محافظة، لذلك يجب أن يكون هناك تدخل مباشر من الأجهزة المعنية، لمواجهة عمليات الاستغلال التي يتعرض لها المواطن، وتنظيم حملات للتفتيش على العدادات في أماكن مختلفة، بصورة منظمة، يمكن من خلالها كشف عمليات التلاعب والمسئولين عنها، خاصة أن الحكومة لم تقر أي زيادات جديدة في وسائل المواصلات العامة أو التاكسي.
قرار الحكومة بتثبيت تعريفة الأجرة في وسائل المواصلات العامة لم يأت نتيجة فراغ أو بصورة غير مدروسة، لكنه استند إلى أن البنزين انخفض خلال 2020 و 2021 بمقدار 50 قرشا، بواقع 25 قرشاً في كل مرة، بينما ارتفع بنفس المستوى خلال نفس الفترة، بما يؤكد أنه لم تحدث أي طفرات أو تغيرات في أسعار المحروقات، تستوجب رفع الأسعار، خاصة أن السوق باتت حرة وتحكمها معايير وقواعد العرض والطلب، إلا أن البعض يحاول استغلال المواطن وتحقيق أكبر قدر من المكاسب، لذلك لن تحل هذه المشكلة بدون رقابة صارمة من جانب الأجهزة المعنية على تعريفة الأجرة، سواء التاكسي الأبيض أو وسائل المواصلات العادية، وعلى أجهزة الحكم المحلى في مختلف محافظات الجمهورية أن تؤدى دورها كما ينبغي في الرقابة والمتابعة.