مؤكد أن دار الإفتاء المصرية تدخل عهدا جديدا بعد قرار اعتبارها من الجهات ذات الطبيعة الخاصة، والتجديد لفضيلة الدكتور شوقى علام، لتصبح الدار أمام مسؤولية أكبر، وتحدى جلل، رغم النجاحات التى تحققت خلال السنوات الماضية فى معركة فكرية ضد التطرف والتكفيريين، وأصحاب الفكر الشاذ، وقوى الشر والضلال.
لكن كلنا ثقة فى مواصلة دار الإفتاء انتصاراتها ونجاحاتها فى هذه المعركة الفكرية حامية الوطيس، فمن ينكر نجاحها فى مواكبة عصر الحداثة بحسن استغلال الفضاء الإلكتروني واستخدام وسائل الاتصال الحديثة فى الخطاب الافتائى، وضبط الفتوى، وهذا ليس على الصعيد المحلى فقط، بل أصبحت رائدة فى صناعة الفتوى إقليميا ودوليا.
ومن ينكر نجاح دار الإفتاء فى إحداث حالة من التجديد والتطوير، ليصبح العمل بها قائم على المؤسسية لا الأفراد كما كان متبعا من قبل، فأصبحت هناك إدارة (الفتاوى الشفوية – الفتاوى الهاتفية – الفتاوى المكتوبة – الإلكترونية بعشر لغات – إدارة الحساب الشرعي – إدارة التعليم عن بعد لتدريب المبتعثين على الفتوى – الترجمة – الموقع الإلكتروني – مجلة دار الإفتاء- إدارة فض المنازعات، ليكون نتاج ذلك إصدار ما يقارب من ١٠ ملايين فتوى فى مختلف المجالات، وإنشاء صفحات بعدة لغات على مواقع التواصل الاجتماعى.
والأهم، أن دار الإفتاء نجحت فى تخطى دورها محليا، بل امتد هذا الدور إلى أن يكون إقليميا ودوليا، وهذا بدأ العمل عليه منذ 2015 حيث تم إنشاء الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم بالقاهرة، وكلنا رأينا مؤتمرها السادس منذ أيام، والذى حضره علماء 85 دولة، للتعاون والتشاور، وبناء استراتيجيات من أجل نشر ثقافة الاعتدال والإفتاء الرشيد، ومواجهة فوضى الفتوى والعمل على ضبطها فى ظل ظاهرة الإسلاموفوبيا، ومدى الحاجة إلى تصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام والمسلمين، وكلنا رأينا عظمة كافة التوصيات والمبادرات التى تم إطلاقها بعد انتهاء الملتقى العالمى، والتى سيكون لهم عظم الأثر فى مواجهة خطاب الكراهية، وعظم الأثر فى إحداث حالة من التجديد والمواكبة، لتستفيد الإنسانية جمعاء من خطاب معتدل ورشيد..
وختاما، نقول، إن دار الإفتاء المصرية، رغم ما قدمته من نجاحات خلال الفترة الماضية، إلا أنها وبعد هذه القرارات تدخل عهدا جديدا، وتصبح أمام مسؤولية أكبر فى تجديد الخطاب الدينى والخطاب الافتائى ليس فى مصر فقط، وإنما فى العالم كله، متمنين أن يوفق الله تعالى فضيلة المفتى ورجال الدار، فى هذه المهمة الجليلة والعظيمة لحماية العقول، والبشر من الوقوع فى فخ الظلام والتطرف، ومواجهة التيارات الظلامية التى عبثت بالفتوى ليحل الخراب والدمار حول العالم بسبب الفتاوى الشاذة..