إذا قررت رصد أداء كل منظمات حقوق الإنسان، خاصة الكبرى منها، ذات الأذرع الأخطبوطية المتشعبة ما بين الكيانات المتطرفة والإرهابية، والدول الراعية لأفكار واستراتيجيات تخريب وتدمير الأوطان، وتشريد الشعوب، تجدها لا تصب جل اهتمامها، إلا بالحقوق السياسية فقط.
لا تقدم دعما، وبرامج، وتنظيم دورات سوى فى كيفية تنظيم الاحتجاجات والمظاهرات، والتمرد، وقتل الانتماء وفض عذرية الوطنية، وترصد مبالغ طائلة لتنفيذ هذه البرامج، تحت شعار الحرية والديمقراطية، والتغيير الدائم والمستمر.
نعم، برامج هذه المنظمات الكبرى والصاخبة، والتى نصبت نفسها، الراعية لحقوق الإنسان فى العالم، تخلو من كل ما يتعلق بأبسط الحقوق فى الحياة، فلا تتبنى مبادرات تطوير التعليم أو توفير إسكان مناسب، أو تقديم خدمات صحية وتطوير المستشفيات، أو دعم تحسين حياة الفقراء وانتشالهم من حالة العوز الموجعة، إلى آخر هذه المطالب الجوهرية فى حياة البشر.
أيضا المعايير المزدوجة والكيل بمائة مكيال إزاء القضايا والأحداث المتشابهة إلى حد التطابق، هى السمة الغالبة لهذه المنظمات، وفقا لمكان وقوع الحدث، فالحدث الذى يقع فى مصر، مهما كان صغيرا وتافها، تجعل منه المنظمات، حدثا ضخما، وتبدأ فى إصدار البيانات والتقارير المنددة للحكومة المصرية، بينما نفس الحدث لو وقع فى دولة بعينها، فإنها تغض الطرف عنه، وتجعل ودنا من طين، وأخرى من عجين.
وفى مصر، حجم المشروعات الضخمة لتحسين معيشة المصريين، فى كل القطاعات، لا تلقى من هذه المنظمات بالا، رغم أن مشروع القرن والأبرز عالميا «حياة كريمة» يأتى على قمة هرم حقوق الإنسان، لتأثيره فى تحسين جودة معيشة أكثر من 55 مليون مصرى، بتطوير 4741 قرية و30888 كفرا ونجعا.
لم نسمع من أى منظمة حقوقية، صوتا يشيد بتحسن أحوال ملايين المصريين، وإحداث نقلة نوعية فى وسائل المعيشة والإقامة، بل العكس، تتدخل المنظمات المدعية بالدفاع عن حقوق الإنسان، لدعم قلة من الرافضة لتطوير العشوائيات الخطرة، ونقلهم لمدن ومساكن تليق وتحترم آدمية الناس، وكأن هذه المنظمات ترتضى بحياة البؤس، ويعجبها مناظر القبح.
الحقيقة، يوجد كثيرا من المصطلحات، والمفاهيم دشنتها منظمات وكيانات ودول، وتم نقلها وتداولها فى دول العالم الثالث، لا تعبر عن الحالة الإنسانية، من بينها مصطلحات حقوق الإنسان، فبينما المواطن فى دول العالم الثالث يطحن عظامه الفقر والجوع والمرض، تجد المنظمات الحقوقية، تتحدث عن حقوق المواطن فى الاحتجاج والتظاهر والتمرد والغضب، وهو مقايضة وقحة لا تستقيم مع أبسط حقوق الإنسانية فى العيش بأمن وأمان واستقرار وإيجاد سكن لائق يقيم فيه، ويتلقى تعليما وخدمات صحية جيدة.
ما يحدث فى مصر من مشاريع، جميعها يصب فى تحسين حياة المصريين، بعد عقود طويلة من الفقر والعوز والمرض، وانهيار المرافق، وانتشار العشوائيات الكارثية، وسيطرة الإهمال على كل القطاعات الحيوية، وأن مشروع القرن «حياة كريمة» للنهوض بأحوال ومعيشة 55 مليون مصرى فى القرى والنجوع والكفور، يمثل قمة هرم حقوق الإنسان، وإنطلاقة تستوجب تغيير مفاهيم ومصطلحات حقوق الإنسان الحقيقية.