معلوم أن مصطلح "حقوق الإنسان" ليس له تعريف محدد، بل هناك العديد من التعاريف التي قد يختلف مفهومها من مجتمع إلى آخر أو من ثقافة إلى أخرى، لكن هناك اتفاق بأن له مفهوم شامل، فهو ليس يتعلق بمجالات السياسة فقط، إنما يمتد ليشمل الحق فى التعليم والعمل والصحة والغذاء والحق فى السكن اللائق والحياة الآدمية بشكل عام، إلا أن هناك الكثير مازال يختزل "حقوق الإنسان"، لدرجة وصلت أنه عند ذكر الكلمة يذهب الذهن فورا للسياسة، دون النظر للمفهوم الشامل لهذا المصطلح.
وأعتقد أن هذا الاختزال يرجع لثقافة رسخت على مدار عقود ماضية، وتحتاج منا جميعا إلى وعى لمواجهتها، والعمل على تغييرها، وخاصة أن الدولة المصرية تشهد الآن في ظل الجمهورية الجديدة طفرة في "حقوق الإنسان" بالمفهوم الشامل، ونموذجا على ذلك، مبادرة "حياة كريمة" تلك المشروع القومى الذى يكلف الدولة أكثر من 700 مليار جنيه لخلق حياة كريمة وآدمية لما يقرب من 55 مليون مواطن.
وهنا، يوجد تساؤل، إذا كان الحق فى الحياة من أهم الحقوق، فكيف تتحقق الحياة لإنسان لديه حرية لكنه يعيش فى بيئة تفتقر إلى بنية تحتية ومرافق وخدمات صحية وتعليمية ولا يوجد تكافل اجتماعى يرحم الأكثر فقرا من العوز ويمده بالحياة؟، لذا فالناظر إلى مبادرة "حياة كريمة" وأهدافها ومعاييرها، فيجد أنها دشنت من أجل هذا الحق، فهى تستهدف الفئات البسيطة والمناطق المهمشة، لذا كانت في "القرى والنجوع"، أليس ذلك يحقق حق "المساوة" بين الحضر والريف في الخدمات المقدمة تعليميا وصحيا وبنية تحتية؟
بل أن أهدافها بناء مشروعات تعليمية والقيام بمحو الأمية في الريف، لإتاحة فرص التعليم والتعلم والمعرفة لأبسط الفئات، وكذلك إنشاء مشروعات صحية للارتقاء بصحة المواطنين وحمايتهم من الأمراض، غير أنها تضمن لمواطنيها مياه شرب نظيفة وسكن لائق، وذلك من خلال مشروعات للصرف الصحى ومحطات للمياه، وبناء مساكن لغير القادرين، والقضاء على العشوائيات لخلق جيل بسلوكيات متحضرة، غير أنها تهدف إلى أن يكون هناك حق لمواكبة الحداثة والتطور التكنولوجى، وذلك من خلال تنفيذ مشروعات التحول الرقمى في القرى، ولم تنس حق الفئات المهمشة والعمل على الارتقاء بمستواهم التعليمى والصحى والمادى من خلال عدة تداخلات اجتماعية ترعاها وزارة التضامن من خلال عدة برامج أبرزها برنامج "تكافل وكرامة" وتزويج الأيتام والعرائس الفقيرة، بل أنها أيضا تهدف إلى تمكين اقتصادى للشباب، من خلال مشروعات متوسطة ومتناهية الصغر وتفعيل دور التعاونيات الإنتاجية، وإنشاء مجمعات صناعية وحرفية، أليس كل ذلك حقوق؟
وختاما، إن ما يحدث في مبادرة "حياة كريمة" لهو تطبيق فعلى وعملى لكل معايير ومبادئ حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، فيكفيها أنها تعمل على تنمية إنسانية تشمل بناء وتأهيل الإنسان وتستهدف الأسرة، "الطفل والشاب والمرأة وذوى الهمم وكبار السن"، فهى لبناء الإنسان والحجر معا، لذا يجب أن يكون هناك وعى وعدم اختزال "حقوق الإنسان" في السياسة فقط والحريات رغم أهميتهما، ولذا، يجب على كل مصري أن يفخر ويعتز بما تحققه دولته من أجل خلق حياة كريمة وأدمية في وطنه..