يعتبر القرار الحكيم الذى أصدره الرئيس عبدالفتاح السيسى، باعتبار دار الإفتاء المصرية مؤسسة ذات طبيعة خاصة والتمديد لفضيلة الدكتور شوقى علام لمدة عام إضافى، تقديرا بالغا لجهود دار الإفتاء المصرية وقائدها، ولا شك أن هذا القرار يعطى مساحة أكبر وأرحب لدار الإفتاء المصرية لاستكمال مسيرتها الوطنية على الوجه الأكمل، وهذا القرار الرئاسى وإن كان فيه تقدير وتشريف من الرئيس السيسى لدار الإفتاء المصرية وللعاملين بها، إلا أن فيه قدرا كبيرا من التكليف وإشارة إلى انعقاد الآمال فى دار الإفتاء المصرية وعلمائها وعلى رأسهم سماحة المفتى الدكتور شوقى علام، لتحقيق المزيد من الإنجازات التى تحقق لنا الصورة المثلى التى نبتغيها من تجديد الخطاب الدينى فى مصر الجديدة بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، وإن النشاط الواسع والجهد الكبير الملحوظ لدار الإفتاء المصرية على الصعيدين المحلى والدولى كان له أعظم الأثر فى تحسين صورة الإسلام فى الغرب، وكان عاملا مهما فى إنجاز مشاريع مهمة فى إطار تجديد الخطاب الدينى الذى أصبح واجب الوقت بلا منازع، ومن المنجزات المهمة لدار الإفتاء المصرية إنشاء مرصد للفتاوى التكفيرية والمتطرفة لإعداد الردود العلمية عليها بواسطة علماء دار الإفتاء، وأيضا إطلاق مشروع المؤشر العالمى للفتوى، الذى يركز على رصد اهتمامات الجماهير على مستوى العالم فيما يخص الفتوى، وأيضا إصدار العديد من المشروعات العلمية مثل جمهرة أعلام المفتين فى العالم، وإطلاق منصة هداية التعليمية، وإصدار موسوعة الانحرافات الفقهية لدى الجماعات المتطرفة، تلك المنجزات الكبيرة المشرفة التى أنجزتها دار الإفتاء المصرية فى كل الأحداث والمواقف جددت الأمل فى قدرة المؤسسة على مجابهة كل أفكار التيارات المتطرفة التى شوهت كثيرا من المفاهيم الإسلامية وانحرفت بكثير من شباب الأمة نحو العنف والإرهاب.
نحن إذن لسنا أمام مرحلة جديدة فى مسيرة دار الإفتاء المصرية، بل نحن أمام دار إفتاء جديدة فى عصر الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى يسعى ليل نهار لإعادة هيكلة مؤسسات الدولة لتتماشى مع الرؤية الطموحة الجديدة لمصر المستقبل، ومؤسسة دار الإفتاء تتفهم وتستوعب تلك الرؤية الثاقبة لفخامة الرئيس وتسعى لتحقيق رؤية سيادته لمصر الجديدة بلا فقر ولا أمراض مستعصية ولا تخلف ولا تطرف ولا إرهاب، إيمانا منها بأن قافلة التنمية الشاملة التى يقودها الرئيس السيسى لن تكتمل إلا بمحاصرة الأفكار المتخلفة التى تحملها الجماعات الإرهابية وتفسد بها عقول الشباب وتدمر حاضرهم ومستقبلهم، فبين القضاء على التطرف والإرهاب وبين التقدم والتنمية ارتباط وثيق.
إن الآفاق التجديدية الرحبة التى تحركت فيها دار الإفتاء المصرية فى مسيرتها السالفة، والتى ابتكرت فيها كثيرا من الوسائل غير التقليدية «خارج الصندوق»، جعلتها مؤهلة بشكل كبير لتصدر المشهد بلا تردد ولا خوف، ولقد أسهمت هذه الجاهزية المسبقة فى حسم المعركة الفكرية التى خاضتها دار الإفتاء ضد كل التيارات المتطرفة، بل وساعدت دار الإفتاء المصرية لحسم كل المعارك الفكرية لصالح الوطن، ولعل فى عقد المؤتمر السادس للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم تحت عنوان «مؤسسات الفتوى فى العصر الرقمى» ما يؤكد على تلك الحقيقة وهى الأسبقية الدائمة والجاهزية المستمرة التى تلتزم بها دار الإفتاء لمواجهة تلك التحديات التى تواجه مصر والعالم، لقد أدركت دار الإفتاء أهمية التحول الرقمى الذى تتجه إليه مؤسسات العالم بخطى واسعة بعد اجتياح فيروس «كوفيد - 19» لأغلب دول العالم، وكذلك أدركت توجهات الدولة المصرية برؤية الرئيس عبدالفتاح السيسى نحو بناء مصر الجديدة الرقمية على أسس علمية وتكنولوجية حديثة ومتطورة، فقامت منذ وقت طويل بتحديث أعمالها وإعداد كوادرها بالوسائل الرقمية الحديثة، فكانت حاضرة فى كل الأحداث وعلى رأسها تلبية حاجات الجماهير والمؤسسات فيما يختص بجائحة كورونا من بيانات وفتاوى وإرشادات.
ولا شك أن دار الإفتاء الجديدة قد أعدت لهذا المستقبل الجديد الملىء بالتحديات الخطط المستقبلية الطموحة، بناءً على الرؤية الجديدة للدولة المصرية الحديثة بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، ولا شك أن هذا التحول المؤسسى الكبير لدار الإفتاء المصرية قد سبب كثيرا من القلق والإزعاج والتوتر للجماعات الإرهابية والمتعاطفين معها الذين صدمهم قرار اعتبار دار الإفتاء المصرية جهة لها تلك المكانة والخصوصية بين مؤسسات الدولة بعدما كادوا يتنفسون الصعداء انتظارا لرحيل فضيلة المفتى عن دار الإفتاء المصرية، أملا فى تخفيف وطأة الحرب الفكرية على الإرهاب أو الاستراحة منها إلى الأبد، لكن الله تعالى وفق فخامة الرئيس إلى اتخاذ القرار الصواب فى وقته ومكانه الصحيحين، وسوف تشهد المرحلة الجديدة لدار الإفتاء المصرية انطلاقة جديدة نحو المزيد من المشروعات التى تدعم توجهات الدولة المصرية الرامية إلى تحقيق الأمن والاستقرار والنهوض بمصر نحو آفاق جديدة تليق بمكانتها بين دول العالم المتطور، وإن تجديد الثقة التى أولاها الرئيس عبدالفتاح السيسى لمؤسسة دار الإفتاء المصرية ولشخص فضيلة العالم الجليل فضيلة الأستاذ الدكتور شوقى علام، سوف تدفع مسيرة تجديد الخطاب الدينى إلى الأمام بإذن الله.