الوعى قضية مجتمعية، لم تعد الدول تعتمد فى حربها على الأسلحة الثقيلة والقتال المباشر، ولكن أصبح احتلال العقول والتخريب الداخلى هو السلاح الفتاك الذى تستخدمه الدول فى حروبها فى الوقت الحالي، خاصة بعد الطفرة الكبيرة فى التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعى التى أصبحت سلاحا ذا حدين، ففى الوقت الذى كان الغرض من هذه المواقع أن تكون وسيلة للتواصل بين المجتمعات، فإن هناك من يستخدمها كمعول هدم للمجتمعات.
أصبحت مواقع التواصل من أبرز الأدوات التى تستخدمها قوى الشر فى نشر الأفكار المتطرفة، وبث الشائعات والأكاذيب، هذه الجماعات التى تروج لأفكار هدامة، حيث نجد مجموعة من الأشخاص يقومون بذلك من خلف الشاشات، ولهذا لم تعد الحرب فى حاجة لأسلحة ومعدات وخطط عسكرية بقدر ما تتطلب نشر شائعات وبث الفرقة بين أبناء المجتمع الواحد والاعتماد على نشر نظرية التشكيك طوال الوقت، ولم يقتصر الأمر على نشر الشائعات فقط، بل هناك جيوش جرارة خلف الشاشات تعمل على الترويج لهذه الأفكار المسمومة.
وإيمانا من هذا المنطلق، أدركت المجتمعات أهمية الوعى، وأصبحت صناعة الوعى واجب قومى ووطنى، والكل شريك فى هذا الأمر، خاصة وأن قوى الشر تستهدف المجتمعات بأثرها، وهذا يعنى أن يد الشر ستطال الجميع، وبالضرورة يجب أن يكون للجميع دور فعال فى هذا الصدد، علينا أن ندرك أن حروب الجيلين الرابع والخامس أخطر على المجتمعات من الحروب المباشرة.
الرئيس عبد الفتاح السيسى، حريص على صناعة الوعى، ودور الوعى من الحفاظ على تماسك المجتمعات، وفى الحقيقة الأمر غير قاصر على وزارة بعينها، قوى الشر تستهدف الأطفال والأجيال الجديدة، ولهذا علينا أن نهتم بالنشء الجديد، وهذا هو دور المدرسة، تعد المدرسة هى البيت الأول للتنشئة بعد الأسرة، بالإضافة لدور مراكز الشباب، حيث تعد بيئة خصبة لنشر الأفكار المستنيرة، مع ضرورة التوسع فى المراكز بشكل عام لفتح المجال لممارسة الرياضة وقطع الطريق على مروجى الشائعات، والتشجيع على ذلك، والعمل على اكتشاف المواهب، وعدم ترك الأطفال فريسة للسوشيال ميديا.
يأتى بعد المدرسة ومراكز الشباب دور الوزارات والهيئات والمؤسسات فى سرعة الرد على البيانات والمعلومات المغلوطة التى يتم الترويج لها، وألا يقتصر الأمر على نشر بيان فقط، بين يجب أن يتم مواجهتهم بنفس أسلحتهم، قوى الشر تعتمد على نشر شائعة فى كبسولة يجب ان يتم الرد عليها بنفس الأسلوب على ان يكون الرد فى كبسولة أيضا، وإن تجارى هذه المؤسسات الواقع العملى المفروض علينا.
ولا يخفى علينا دور القوى الناعمة فى تشكيل الوعى والوجدان، ولهذا علينا أن نرى الكثير من الأعمال الفنية الهادفة خلال الفترة المقبلة، وتقديم أعمال تاريخية وشخصيات بارزة وتأثيرها على المجتمع، وصياغة اكثر من غلة لمخاطبة المواطنين، لا نعتمد على القوالب الثابتة، والنمط التقليدى فى الرد على الشائعات، وأخيرا علينا أن ندرك جيدا أن تشكيل الوجدان أهم محاور صناعة الوعى، والرد يجب ان يكون بنفس الأسلوب، وأن يتحمل كل منها مسئوليته أمام المجتمع فى نشر الوعى وأهميته فى بناء المجتمعات.