الوعي فى مواجهه أخطر حروب العصر، وهي حروب الجيل الرابع، هذا ما يردده الرئيس عبد الفتاح السيسي دائما في كل تصريحاته ومداخلاته الإعلامية وخطاباته الرسمية للشعب المصري.
فالأهم من الإنجازات والتنمية والتطور هو كيفية الحفاظ عليها وعلى قوة ووحدة وتماسك الدولة بكافة مكوناتها المدنية والعسكرية، بحيث تبقى الصورة المصرية الجلية دائما في أوقات الشدة وأوقات الأزمات أن في مصر جيش واحد بعضه يرتدي" المموه" و الغالبية منه بالزي المدني واذا لزم الامر فالكل تحت السلاح بالزي المموه.
مصر واجهت حروبا بكافة أنواعها واشكالها من الجيل الأول بالمواجهه المباشرة أو الحروب بالوكالة، حرب العصابات، مثل حرب الإرهاب التي مولتها أجهزة مخابراتية ودول ثم حروب المعلومات والشائعات وتوظيف وسائل التواصل الاجتماعي وتجنيد جيش سري وكتائب الكترونية لاستهداف الدولة في مكونها المدني حيث يتم تدمير الدولة بعيدا عن قواتها المسلحة وما حدث في الاتحاد السوفيتي السابق خير دليل على ذلك وفى العراق وسوريا.
ما حدث ان قادة تلك الحروب ومن وراءها نجحوا في احداث العزلة والفصل بين الشعوب وقواتها المسلحة وبدا اصطياد المجتمع المدني واستهدافه مؤسسة مدنية تلو الآخرى حتى انهارت الدولة وسقط النظام. لكن الوعي المصري بجذوره الضاربة في التاريخ القديم نجح في التصدي حتى الأن وبفاعلية بدمج مؤسسته العسكرية مع مؤسساته المدنية وحمايتها من الاختراق والتداعي عبر أساليب ووسائل شيطانية خبيثة. في كل مكان وداخل كل مؤسسة واجه أخطبوط حروب الجيل الرابع من يواجهه ويحاربه بقوة وشراسة.
لكن مثل هذه النوعية من الحروب لا تتوقف وبالتالي فقضية الوعي ليست قضية وقتية وانما قضية دائمة لتحصين الجيل الحالي من شبابنا وبناتنا من أغراض حروب الجيل الرابع وفهم ما يجري من حولنا وما جرى في عدد من دول العالم منذ بدء استخدام أساليب تلك الحروب فن نهاية الثمانينات.
لذلك التنويه والاهتمام المستمر بقضية الوعي في مصر قضية حيوية وفى غاية الأهمية بمساهمة كافة مؤسسات الدولة وفى المقدمة دور الفن في زيادة الوعي وحمايته وتحصينه بأعمال مسرحية وسينمائية ودرامية وبإنتاج ضخم تتحمله الدولة لان وعي المصريين مسألة أمن قومي وجربنا تركه للقطاع الخاص وتجار السينما والمسرح والدراما وكانت النتيجة ما نراه الان بتأثيراته السلبية علاوة على تأثيرات "السوشيال ميديا"
قد تستغرب عندما تعرف أن أول من أطلق مصطلح الحروب الجديدة هو البروفيسور الأمريكي “ماكس مايوراينك" في معهد الأمن القومي الإسرائيلي حيث عرفها بنقاط مختصرة كالاتي: الجيل الرابع من الحروب الحرب بالإكراه، إفشال الدولة، زعزعة استقرار الدولة ثم فرض واقع جديد يراعي المصالح الأمريكية، وهو نزاع يتميز بعدم وضوح الخطوط الفاصلة بين الحرب والسياسة، الجنود والمدنيين. استخدم المصطلح لأول مرة عام 1989 بواسطة فريق محللين أمريكيين، منهم وليام س. ليند، لوصف عودة الحرب للشكل اللامركزي. في المصطلحات العامة للحرب الحديثة، يعني الجيل الرابع فقدان الدولة القومية لسيطرتهم الشبه مطلقة على القوات المقاتلة، والعودة لطبيعة النزاعات الشائعة في الفترات ما قبل المعاصرة.
وهذه الحروب تهدف« الي زعزعة استقرار دول المنطقة العربية عن طريق وسائل عديدة منها نشر الفتن والقلاقل وإثارة الاقتتال الداخلي.باستخدام احدث وسائل التكنولوجيا والاتصالات دون الحاجة إلي شن عدوان خارجي علي تلك الدول بهدف القضاء علي استقرار الدولة وجعلها فاشلة وميتة .. ونلاحظ خطورة هذا النوع المتقدم من الحروب علي المنطقة العربية باسرها عبر تحذيرات الرئيس عبد الفتاح السيسي والخبراء المتخصصين في هذا المجال.
فاللواء هشام الحلبي المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا يؤكد ان حروب الجيل الرابع هي شكل جديد من اشكال الصراع يهدف الي الي تفتيت مؤسسات الدولة الأساسية والعمل على انهيارها أمنيا واقتصاديا وتفكيك وحدة شعبها من خلال الإنهاك والتآكل البطيء للدولة، وفرض واقع جديد على الارض لخدمة مصالح العدو , وتحقيق نفس اهداف الحروب التقليدية بتكلفة أقل وتعمل علي تحويل الدول المستهدفة من حالة الدولة الثابتة إلى الدولة الهشة وهى تستهدف الدولة بالكامل . وفيما يتعلق بأساليب وادوات حروب الجيل الرابع يقول الحلبي ان الإرهاب هو احد الادوات الرئيسية ، وهو يختلف عن الارهاب الذى شهدته المنطقة فى عقود سابقة فى انه يتم التمويل غير المباشر لإنشاء قاعدة إرهابية غير وطنية أو متعددة الجنسيات داخل الدولة بحجج دينية او عرقية او مطالب تاريخية، والاداة التالية هى التظاهرات بحجة السلمية للمطالبة بحقوق مشروعة يتعاطف معها الناس وبعض وسائل الاعلام و المنظمات الحقوقية ثم يتم فى أثناء المظاهرة الاعتداء على المنشآت العامة والخاصة وقتل واصابة بعض الاشخاص ثم الصاق التهمة بالجيش و الشرطة لزرع التوتر والكراهية بينهما وبين المواطنين , وفى حالة وجود هدوء نسبى بعد فترة يتم البحث عن اسباب اخرى موضوعية تستند على بعض المشكلات الموجودة بالفعل لاعادة الكرة وعمل مظاهرة جديدة ، ومن احد الاساليب المهمة لحروب الجيل الرابع الحرب النفسية المتطورة للغاية من خلال الإعلام والتلاعب النفسي، واستخدام محطات فضائية تكذب وتقوم بتزوير الصور والحقائق.
ويستخدم فيها وسائل الاعلام التقليدية والجديدة (مواقع التواصل الاجتماعي) ، والتى تهدف الى تضخيم التحديات و التهديدات الى تواجه الدولة المستهدفة وزرع عدم الثقة فى نفوس المواطنين لإقناعهم بعدم قدرتهم على مواجهة هدة التحديات و التهديدات وقطع التواصل بين المواطنين وقيادتهم على كافة المستويات بالتشكيك المستمر فى ادائهم واى انجازات تم تحقيقها.
وايضا من بينها تطوير التكتيكات لاختراق وتجنيد التنظيمات داخل الدولة المستهدفة والعمل باسمها وبغيرها من التنظيمات التي تأخذ الطابع المتطرف واستخدام مرتزقة مدربين لتحقيق مخططات في الدول المستهدفة بالإضافة الي استخدام تكتيكات حروب العصابات وعمل تفجيرات ممولة بطريق مباشر او غير مباشر من الاساليب المستخدمة ايضا الضغوط السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية .
ويؤكد الحلبي ان منظمات المجتمع المدني تعتبر من اهم نقاط الاختراق للمجتمع خاصة انه يتم الدخول اليها تحت مسمى الديمقراطية وحقوق الانسان وهى مسميات لايختلف عليها دين او قانون او منطق (فبدايات الموضوع صحيحة تماما)، ولكن يتم من خلالها تحليل شرائح المجتمع ثم التبنى المتدرج لقضايا بعينها وتضخيمها تدريجيا فى داخل الدولة المستهدفة وعلى المستوى الاقليمى و الدولى . وتبنى رموز المعارضة داخليا و خارجيا , واخيرا استخدام العملاء في الدول المخترقة وتسليط الأضواء عليهم ومنحهم الجوائز العالمية كإحدى الادوات التى تمنحهم حصانة ادبية للتحرك بحرية داخل المجتمع والاقليم لاقناع المواطنين بافكارهم .
جيش المهرجين أحد تكتيكات حرب اللاعنف لتحويل كل شئ جاد إلى مادة للسخرية فهم يسخرون من مهمة رجال الأمن والجيش الجادة الحازمة لإسقاط هيبة رجال الأمن وكسر حاجز الانضباط في الشارع ويستقطبون المواطنين من أصحاب الأفكار المختلة عن طريق مظهرهم ونشاطاتهم المرحة.
فالمهرجون جيش سلاحه الضحك والسخرية في تكتيك جديد بحرب الأفكار حرب الجيل الرابع حرب اللاعنف هدم الدولة ليس عن طريق جيش أجنبي بل عن طريق جيش داخل الدولة يهدم أعمدتها ويمحوا هويتها فهي حرب لا تمارس فيها الدولة الغازية العنف بل تمارس فيها اللاعنف لاحتلال الدولة .
ونظراً لملل الشعب من الثورات والعصيان ورغبة سائر طوائف الشعب في الحياة بسلام بعد سنوات من الفوضى فهم يحاولون اعادة احياء الثورات عن طريق الباسها شكل مرح ساخر ممتع وهم يتدربون بشكل جاد ويعرفون كيف ينظمون أنفسهم وكيف يتجمعون وكيف يتفرقون ويمزجون التهريج باللاعنف ويعتبرون أنفسهم ميليشيا من الحمقى وكتيبة من المهرجين.
فهم يتدربون على قمع المنطق والرزانة والوقار وقاعدتهم "تعلم أن تكون غبياً" ليظهروا بمظهر عدم المبالاة والمرح والظرافة والكوميديا فلا قيم ولا عرف ولا قواعد ولا ثوابت تضبط تصرفاتهم ببساطة "أطلق العنان للحيوان الذي بداخلك"
الوعي هي أم القضايا الأن في مصر للحفاظ على الدولة وتحصين شبابها وحماية منجزاتها.