و من جديد نعود للحديث عن ظاهرة التريند وما قد تسببه من تصرفات غير لائقة وتسابق غير محسوب لا يبالى بأية معايير للقيم والأخلاقيات المتعارف عليها بالمجتمع، حتى وإن اصطنع هذا الباحث عن الفرقعة الزائفة وتصدر مؤشرات البحث ما قد يصنف بقائمة الفضائح التى من المفترض أن يخجل منها .
و ما هذا إلا بفعل مفارقات القدر وتطورات الزمن التى باتت تهرول دائماً وأبداً للأسوء دون وقفة مع النفس لمراجعتها فى محاولة واجبة على كل بنى البشر لتدارك الأخطاء وتصحيحها ،
فلم يعد يهتم الكثيرون بمثل هذا التفكير فى ضوء ضجيج الحياة الذى لا يكف دون أية طحين يذكر !
فالموجة عالية والهوجة مغرية لذوى الأنفس الهشة، وبات التظاهر والتفاخر بين الناس هو الهدف المنشود حتى وإن كان وهماً على وهم بداخل عالم كبير من الوهم مسمى بالتواصل الإجتماعى قد اختلط به الحابل بالنابل والخبيث بالطيب والكذب بالصدق!
و تحولت معايير الكفاءة ومقومات النجاح لدى الغالبية العظمى من المصريين وعلى رأسهم بالطبع طبقة المشاهير أو أنصاف المشاهير بأى مجال لمجرد نسب مشاهدة عالية وتريندات على مواقع التواصل المختلفة!
إذ أصبح تصنيف الفنان أو المطرب أو الإعلامى وموقعه على خريطة النجومية وتحديد أجره وفرص ترشيحه وفرضه على جمهور المشاهدين المقهورين بناءً على منزلته الرقمية من حيث التريند والتدوال على تويتر او جوجل او يوتيوب!
وبكل أسف:
لقد أدرك وتعلم وتدرب الكثيرون على إتقان اللعبة الافتراضية بوسائل متعددة منها :
*شراء عدد ضخم من المتابعين بمبالغ مالية كبيرة،
تسخير عدد من اللجان الإلكترونية التى تمنحه رقماً قياسياً بالبحث والمشاهدة،
تعمد الإثارة والاستفزاز بتصريحات صادمة أو ملابس غريبة أو ترويج للإشاعات،
و لا مانع لدى البعض من البحث عن الفضائح لاكتساب أكبر عدد من اللاهثين خلف هذه النوعية المثيرة من الأخبار للحصول ببساطة على التريند المرجو!
فمن أسعده حظه واستطاع أن يتقن اللعبة جيداً ويجد مفاتيح أبوابها،
فقد انفتحت له أبواب الشهرة والنجومية على مصرعيها دون جهد أو شقا ونحت بالصخر كما فعل غيره ممن يمتلكون مقومات النجاح بحق ويجاهدون سنوات طويلة من أجل الحصول على الفرصة التى تتجلى بها مواهبهم وتخرج للنور عن جدارة واستحقاق،
إذ يفاجأ هذا الذى يستحق بمن لا يستحق قد سبقه بمسافات طويلة وبضغطة زر واحدة قد أصبح من المشاهير، ثم سرعان ما تتهافت عليه جهات العمل المختلفة ولا عزاء لمعايير الكفاءة التى كانت !
و لنا بالنموذج الذى لا يكف عن استثارة غضب الجماهير بحثاً عن تصدر التريند أسوة وموعظة.
نهاية:
فقد أصبحنا بزمن خفت به موازين القيمة والتميز وثقلت موازين الركاكة والمنظرة، وتأذت أعين وتلوثت آذان وغُلِقت مدارك وتراجعت أذواق!
اللهم اكفنا شر الباحثين عن التريندات الساخنة