شاهدت مؤخرا مسلسلا لطيفا عن الفنان التشكيلى العظيم بابلو بيكاسو (1881- 1973)، يتتبع العمل الدرامى حياة الفنان الشهير منذ الميلاد إلى الموت، حيث عاش نحو 92 عاما، عاشها فى صخب كثير وعمل كثير أيضًا، كان مؤمنًا بالبحث عن "ملهم" ومؤمنا أكثر بأن العمل المتواصل هو الذى يحقق النجاح، لذا ظل يعمل حتى النهاية.
لقد تعرف بيكاسو فى حياته على عدد كبير من النساء اللواتى كن مختلفات فى كل شىء، فيهن من أحبته فعلا وهناك من انبهرت به وأخريات أردن الارتباط باسمه الكبير، وهناك من رأت فيه منقذا لها من وضعها، منهن الطيبة وفيهن الشريرة ومنهن الواعية وبينهن السطحية، لكنه لم ير فيهن جميعا سوى محفزات على العمل وملهمات للرسم.
لقد ظلمهن جميعا، عانين منه وعانى منهن، ولكن لا يمكن لنا إلا أن نقبل بيكاسو كما هو، لا يصح أن أقول لو فعل كذا أو فعل كذا لكان كذا، إن حياته الصاخبة تلك وتقبله النفسى لها هو ما أنتج لنا روائع فنه.
ولكن استوقفتني كثيرًا قدرة بيكاسو على العمل، كانت الأخبار الكارثية تأتيه وهو فى الاستوديو الخاص به يرسم فيعلق على من أخبره "أنا الآن أعمل"، لم يتوقف أبدًا عن الإبداع، ولم يكن الأمر بالنسبة له مجرد "موهبة" كان عملا بإتقان ووعى بالمستجد ورغبه عارمة في صناعة "اللوحة المثالية".