مصروفات المدارس الخاصة قضية تهم الرأى العام بصورة مستمرة، وتكتب عنها الصحافة بشكل منتظم، بالتزامن مع اقتراب الدراسة، واستعداد أولياء الأمور لتدبير النفقات الخاصة بتلك المصروفات، وتحمل نسب الزيادة، التي تقررها المدارس دون ضابط أو رابط أو رقابة فعالة، وقد أثار دهشتي ما تحدث به رئيس جمعية أصحاب المدارس الخاصة، بدوي علام، عن مصروفات العام الدراسي الجديد، في أحد البرامج التلفزيونية وأن هناك زيادات منتظرة تتراوح من 7 إلى 25%.
الغريب واللافت أن مسئول جمعية المدارس الخاصة أخذ يحدد قيم الزيادات وأسعار المدارس، دون أن يراجعه أحد، وكأن وزارة التربية والتعليم غائبة عن المشهد، في حين أنها المسئول الأول عن تحديد أسعار المصروفات، ونسب الزيادات السنوية، وفق منشورات دورية، تصدر بصفة منتظمة قبل بداية العام الدراسي الجديد، إلا أن المدارس بدأت فعلياً في تحدد الأسعار، وحال الشكوى من جانب ولى الأمر، فلن ينصفه أحد، فالأوراق دائماً "متستفة"، وما يتم دفعه يشمل بنود خفية وسحرية، مثل التطوير، والتعليم الإلكتروني، وإجراءات مواجهة كورونا، والأنشطة، والباص المدرسي، وغيرها من الإجراءات التي قد ترفع نسب الزيادة في الأسعار إلى 20% سنويا كحد أدنى.
تسليع التعليم أخطر ما يواجه المجتمع، خاصة أبناء الطبقة المتوسطة، التي تحاول الارتقاء بمستوى تعليم أبنائها وتوفير فصول أقل كثافة يمكنهم من خلالها تحصيل دراسي منتظم بصورة أفضل، إلا أن المدارس الخاصة تتعامل مع الموضوع باعتباره قضية استثمارية بحتة، ومصدر للمكاسب وجمع الأموال دون النظر لخطورة الموضوع على الأسرة المصرية، التي تتحمل ضغوط وأعباء كبيرة ولم تشهد أي طفرات في مستويات دخولها.
لا أعرف كيف نرفع مصروفات بعض المدارس بنسبة 25%، وما الداعي لهذا القرار أو التصريحات، هل زادت الأجور بنفس هذه النسبة؟ الإجابة بالطبع لا، وحتى لو كانت هاك زيادات سنوية في الأجور لا يمكن أن ترتفع المصروفات والأعباء بهذه الصورة على أثرها، ولا يمكن لأولياء الأمور أن يتحملوا كل هذه الأعباء المالية في مقابل هدف نبيل وشريف وهو تعليم أفضل لأبنائهم، لذلك يجب أن تتحرك وزارة التربية والتعليم لوضع ضوابط صارمة للمدارس الخاصة، ومواجهة الزيادات غير المفهومة التي تتم سنويا في أسعارها.
مرات عديدة تحدث وزير التربية والتعليم عن إدارة جديدة للمدارس الخاصة بالتعاون مع عدد من الوزارات للسيطرة على أنشطتها والرقابة على مواردها وأرباحها، إلا أن الكلام في هذا الاتجاه سرعان ما يتبخر، كما تبخرت من قبل فكرة وضع مصروفات المدارس الخاصة على موقع الوزارة، حتى لا يدفع أولياء الأمور مبالغ غير قانونية، بل وأيضا تبخرت فكرة تقسيط مصروفات المدارس ودفعها من خلال البنوك، حتى تصبح هناك رقابة واضحة وصورة شاملة لهذه الأموال، وتصير ميزانياتها ونفقاتها معلومة لدى وزارة التربية والتعليم، ومصلحة الضرائب وكافة الأجهزة المعنية.
أتمنى أن تسارع وزارة التربية والتعليم في إصدار منشورها الدوري الخاص بمصروفات المدارس الخاصة للعام الجديد، دون الانتظار لبداية العام كما فعلت السنة الفائتة، وعلى أثر ذلك حصًلت المدارس المصروفات بنسب زيادات تختلف عن كل ما ذكرته الوزارة، وبالطبع ولى الأمر لن يحصل على شيء ولن ترد المدرسة إليه أي أموال، مادامت الرقابة غائبة، والأمور تدار بهذه الطريقة، فلا يمكن أن يحدد المستفيد من الزيادة حجم ونسب هذه الزيادة، كما تفعل جمعية أصحاب المدارس الخاصة الآن!