مرت 140 عاما على اندلاع الثورة العرابية التى وقعت فى سنة 1881، ولكونها فشلت فإن التاريخ لم يعطها حقها من الإنصاف، فقد هاجمها الجيل الذى جاء بعدها ومنهم مصطفى كامل، لذا فإننى أرجو أن تهتم مراكز الأبحاث المشغولة بالتاريخ بأن تمنحها فرصة أكبر للدراسة، خاصة لبطلها أحمد عرابي.
كتبت من قبل في مقالة بعنوان " أحمد عرابى فى انتظار من يدرسه" أن أحمد عرابى، شخصية وطنية، هذا لا خلاف عليه، ولكنه مع ذلك يحتاج إلى دراسات عديدة، وفى رأيى أنه يحتاج دراسة لا تغفل زمنه، دراسة للسياقات، حتما سوف تكشف لنا ما جرى فى ذلك الزمن.
أقول ذلك عن الزعيم أحمد عرابى، لأنه أحد أبرز الشخصيات التى تعرضت للتشويه، من سوء حظه أن ثورته فشلت، وعندما تفشل الثورات يدفع المسئولون عنها الثمن من أعمارهم ومن سمعتهم أيضا، وقد اتهم البعض عرابى بأنه السبب فى احتلال مصر سبعين عاما، ناسين أو متناسين حال مصر فى تلك الفترة وغافلين أو متغافلين عن مدى التدخل الأجنبى الذى كان يلقى بردائه الثقيل على كل شيء بعد فشل تجربة الخديو إسماعيل.
صار الناس يسمون ثورة عرابى "هوجة عرابى" لأن الخديوى عباس حلمى فى مذكراته "عهدى: مذكرات عباس حلمى الثانى خديو مصر الأخير" انتقد أحمد عرابى، وانتقد ثورته وحمله مسئولية الاحتلال البريطانى، وهو ما ردده أيضا رجال الحزب الوطنى برئاسة مصطفى كامل فى ذلك الوقت، ولم ينفى عباس حلمى، واقعة قصر عابدين، موضحا أن عرابى ذهب فى يوم 9 سبتمبر 1881 إلى قصر عابدين على رأس وفد عسكرى بالكامل بوجود القنصل الإنجليزى والمراقب المالى الإنجليزى الذين وجدوا بالصدفة، للمطالبة باقتراح تكوين جيش مصرى من 18 ألف جندى، وإقالة حكومة رياض باشا وإنشاء برلمان، وهو ما أعطى فرصة للتدخل الأجنبى بصورة أكبر معتبرين أنفسهم مخلصين للمصلحة المصرية" ولما كان هذا هذا رأى حاكم مصر فى عرابى كما كان رأى مصطفى كامل فإن الشعب من ورائهم ردد القول بـ"هوجة عرابى".
بالطبع لم يعدم أحمد عرابى وجود مدافعين عنه بعد ذلك ففى نهاية الأربعينيات ظهر كتاب الدكتور محمود الخفيف "عرابى الزعيم المفترَى عليه"، كما ظهر كتاب عبدالرحمن الرافعى "عرابى الزعيم الثائر" لكن الأمر يحتاج إلى أكثر من ذلك، فليت باحثو التاريخ يهتمون.