يقول الله تعالى، "لقد خلقنا الإنسان فى كبد"، حيث الجد والسعى الدؤوب من أجل العيش وكسب العمل، وعبادة الله حق عبادته، إلا أن من رحمته على خلقه أن جعل هناك قيما وعبادات يسيرة لا تحتاج إلى أن يبذل فيها الإنسان مالا، أوجهدا، لكن يمكن أن تتحقق بابتسامة، أو بكلمة طيبة أو صدقة خالصة، أو بإماطة أذى، وحال القبول تسحر العقول والألباب بفيضه وكرمه، ونموذجا ما رأيناه من مشاهد محبة فى وداع التاجر ورجل الصناعة الراحل محمود العربى فى مشهد تمناه الجميع عند خاتمته.
وجبر الخواطر على رأس هذه القيم، تلك القيمة التى تعد من أعظم العبادات إلى الله عز وجل، وكذلك الإحسان، وإدخال السرور على الآخرين، ومد يد العون لكل محتاج، فقد قال النبى الكريم "الله فى عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه"، وقوله أيضا "فمن يسر على معسر يسر الله له"، وقول الله جل شأنه "وافعلوا الخير لعلكم تفلحون".
فعندما يغتنم الإنسان هذه القيم العظيمة، تكون النتائج مدهشة، حيث تحل البركة حيثما كان الفعل والعمل، فكم رأينا نماذجا مشرفة من أهالينا الطيبين فى الأرياف والضواحى، كان الله معهم فى مرضهم ومرض أبنائهم، فمجرد كوب من الليمون أو النعناع تذهب العلة، فلا طبيب يكشف، ولا تحاليل ولا فحوصات تطلب، وإنما إرادة الله تكون، وكم رأينا أبناء بسطاء أصبحوا رموزا فى المجتمع، رغم قلة الحيلة وضنك الحال أثناء مراحل تعليمهم، لكن أراد الله التوفيق والنجاح فكانت إرادته، وليس بأوائل الثانوية العامة ببعيد، فمعظمهم من بيئة بسيطة لا دروس خصوصية ولا مدارس دولية ولا كتب خارجية، لكنها بركة من الله ورضا.
واعلم أن هذه القيم هى طرح من رضا الله وإرادته، فهى لا تخضع لقوانين البشر، ولا لحساباتهم الحياتية، ولا تخضع للمنطق ومبادئه، لكنها تخضع لقوله جل شأنه، إنما أمره إذا أراد شىء أن يقول له كن فيكون.
وختاما، إذا كنا نريد بركة فى العمل، وحسن الخاتمة، ورضا وتجارة مع الله، يجب أن نعلم، أن يد الله تعلو فوق كل الأسباب، وأن نتذكر دائما في ظل سيطرة الحياة النفعية والمادية التى أفقدتنا هذه القيم العظيمة قوله تعالى "ويرزق من يشاء بغيّر حساب" وقوله تعالى، "وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا"..