مما لاشك أن ترسيخ ثقافة العطاء والتحفيز على العمل الجاد والمخلص فى المجتمع أمر مهم وإيجابى، وخاصة عندما يتعلق الأمر بمشكلة ترتبط بمستقبل الأبناء وتعليمهم، باعتبار أن التعليم ركيزة أساسية فى نهضة الشعوب والأمم، لذلك أعتقد أن أخذ قرار بفتح العمل التطوعى للتدريس فى المدارس قرار صائب لمواجهة ظاهرة تتجدد مع كل أول عام دراسى جديد، ألا وهى عجز المعلمين فى بعض المدارس.
ويعد قرار التطوع المجانى في المدارس فكرة خارج الصندوق، ولها فوائد عديدة حال تطبيقها بشكل منظم، وكما هو مخطط لها، وأول هذه الفوائد وأهمها، المساهمة في عودة الطلاب للفصول من جديد، وهذا أمر في غاية الأهمية، لأن تعامل الطالب والمعلم وجها لوجه يخلق نوعًا من الحوار والتفاعل، ويزيد من العلاقة الإنسانية بينهما، ويساعد على الالتزام بين طرفى العملية التعليمية، إضافة إلى أنه يقلل من الدروس الخصوصية مما يرحم أولياء الأمور من استنزاف جيوبهم، ويعمل أيضا على تطبيق المحاسبة والتقييم بشكل فاعل وجدى عكس التعليم عن بُعد، غير أن هذا القرار يساهم في حل أزمة تخصيص اعتمادات من الموازنة العامة للدولة لأنها لا تحتمل أى أعباء إضافية لتدبير بند أجور جديد.
والأمر المهم الذى يجب أن يوضع في الاعتبار، أن هناك دولا قامت بإجراءات مماثلة لتجاوز نفس المشكلة، فالفكرة إيجابية، وليس بها مشكلة، لكن الأهم هو التطبيق الجيد، وأن تتم تحت إشراف متخصصين وكبار المعلمين، لتعويض نقص الخبرة عند هؤلاء الخريجين المتطوعين، ولضمان الالتزام بالضوابط والمعايير التي تم وضعها حتى لا تتم بعشوائية فتقتل الفكرة ويكتب لها الفشل وعدم تحقيق المستهدف.
لذا، الحديث عن الحسم في تطبيق المعايير والاختيار، أمر مهم للغاية، وهو ما يجب فعله والانتباه إليه، إذا كنا نريد أن يكتب النجاح لهذه الفكرة وهذا القرار، وهذا ما أكده لنا، الدكتور عمرو شحاتة وكيل وزارة، بأنه يتم التعامل وفقا لعدة معايير وضوابط، أهمها إعداد حصر بالتخصصات التي بها عجز على مستوى كل إدارة تعليمية، مع مراعاة رغبة المتطوع في التسكين بالإدارة التي يرغبها وذلك في ضوء العجز، واجتياز برنامج تأهيلي من خلال التوجيه الفني بالإدارة، وعدم مشاركة المتطوعين في أعمال الامتحانات، والحد الأدنى لمدة العمل التطوعي ثلاث شهور، غير تأكيده بأن هناك أيضا عدة آليات أخرى لمواجهة العجز خلاف العمل التطوعى، كالاستعانة بالقوافل التعليمية والموجهين والإداريين بالإدارات والخدمة العامة، والعمل على توزيع جميع المعلمين بشكل عادل على المدارس وفقا لتخصصاتهم ومعدلات العجز والزيادة.
وختاما، نقول، إن الشراكة والمسئولية الاجتماعية ضرورة حتمية في بناء المجتمعات في ظل التحديات، وهل هناك أصعب من جائحة كورونا التي كانت سببا في توقف المدارس والاتجاه نحو التعليم عن بُعد، فنعم التعليم عن بعد كان المنقذ للطلبة في ظل الجائحة، لكن العودة للمدارس والتعليم التقليدي يعد سند حقيقى وركيزة أساسية للطلاب سواء في التحصيل أو تطوير القدرات والمهارات والمعارف لديهم..