قابلت فى بداية حياتى رجالا عاشوا عصر جمال عبد الناصر، كانوا عمالا وجنودا وفلاحين، يحبونه جدا، فإن كان الواحد منهم متكئا يعتدل عندما يتحدث عن ناصر، يعلو صوته ويمتلئ بالحماس، كانوا صادقين فى حبهم، لم يلتقوه وجها لوجه أبدا، أحدهم كان جنديا يحرس جنازته، لذا كبرت أحب جمال عبد الناصر.
الناس فى قرى الصعيد البعيدة حيث عشت، لا يعرفون شيئا عن الناصريين، ولا الأحزاب التى تتخذ من صورة ناصر شعارا ومن أفكاره جملا يقولونها فى مفتتح كلماتهم، لكنهم يعرفون أن أبناءهم ذهبوا إلى المدرسة فى زمن ناصر، وأنا هنا أختلف مع الذين يقولون إن مجانية التعليم كانت موجودة قبل زمن الثورة، ربما كان ذلك موجودا لكنه بشكل نظرى، ولكن بشكل تطبيقى حيث أنشئت المدارس فإن ذلك حدث بعد ثورة 1952.
جانب آخر مهم حدث فى زمن ناصر يتعلق بانتشار الثقافة وذيوع الكتب والمكتبات، فطالما أصبحت هناك أجيال تجيد القراءة فإن ذلك اقتضى ثقافة، واقتضى كتبا ومكتبات، لذا ظهرت الثقافة الجماهيرية وجاء بعد ذلك معرض القاهرة الدولى للكتاب.
ومن رأيى أن الأهم فى زمن جمال عبد الناصر تمثل فى القدرة على الحلم، لقد أصبح رئيس الجمهورية واحدا من الشعب، بالتالى فتح ذلك أفاقا عظيمة لتحطيم المستحيل وتحقيق الذات.
وفى النهاية أقول، اتفق الكثيرون مع جمال عبد الناصر واختلف الكثيرون أيضا، لكنه يظل قيمة في تاريخ مصر، رثاه الشعراء وبكاه الشعب، ويتذكره الأجداد والآباء بكل الخير.