كل عام فى نفس اليوم يتسابق المواطنون ومشاهير السياسية، للذهاب إلى مقر ضريح الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، لإحياء ذكرى رحيله عن عالمنا، رغم أنه توفى منذ أكثر من خمسون عامًا، وتحديدًا فى 28 سبتمبر عام 1970، فالمعتاد إذا تصفحت المواقع الإخبارية أو «السوشيال ميديا»، ستجد أن صور وحكاوى عبدالناصر تتصدر المشهد، ما عدا طبعًا أنصار جماعة الإخوان الإرهابية الذين يظلون يتفننون لإيجاد طرق للهجوم عليه، وبالتأكيد هم يستهدفون تحقيق أغراض دنيئة من جراء ذلك.
هنا أرى أن احتفال المواطنين كل عام بهذه المناسبة أكبر رد على هؤلاء، وإن دل ذلك على شىء فبكل تأكيد يدل على مدى حالة العشق من الجميع للزعيم الراحل، الذى كان تركيبة فريدة لشخصية قدر لها أن تنعم بجنة التميز، فنزعة الزعامة لديه هى نتاج التجربة والتعايش فى فضاء إنسانى سمح لها بالنمو والإثمار ومراعاة حاجة المواطنين البسطاء، مما منحه أرضية مناسبة وشعبية جارفة لم تستطع السنوات الفائتة القضاء عليها.
عبد الناصر على أرض الواقع أثر كثيرًا فى الأجيال المتعاقبة،فبالنظر تاريخيًا إلى حياته منذ نعومة أظافره ثرية جدًا بها كثير من الأحداث، حتى وصل إلى مرحلة النضوج المليئة أيضًا بالدراما التاريخية المهمة التى أثرت ومازالت تؤثر فى تاريخ مصر وشعبه على مدار أكثر من خمسين عامًا.
كما أنه يمثل حقبة مهمة فى تاريخ العرب ككل وليس المصريين فقط فى فترة زمنية تمتد منذ ثورة يوليو 1952 أو قبلها وحتى وفاته، ومن يستطيع أن ينسى حلمه الأكبر بتجميع العرب ليقفوا جنبًا إلى جنب ضد العدوان والخطر الذى يداهم الوطن العربى ككل.
لكن رغم هذا التأثير الكبير والممتد فإن الأعمال الفنية التى تناولت السيرة الذاتية لعبدالناصر لم تجسد الحالة الكاملة له والمشبعة دراميًا، فعلى الرغم من فيلم «ناصر 56» والذى جسد شخصيته الفنان الراحل أحمد زكى، وحاز على إعجاب الكثيرين، لكن الفيلم لم يتناول سوى أحداث 106 أيام فى حياة عبدالناصر، وتحديدًا فترة تأميم قناة السويس، كما أن مسلسل «ناصر» الذى قام ببطولته الفنان مجدى كامل، لم يحقق المردود الإيجابى وفشل فى التركيز على حياة عبدالناصر، واهتم بتفاصيل أخرى محيطة فى تلك الحقبة أكثر، مما جعل العمل لا يستطيع الوصول إلى المشاهدين وتحقيق النجاح المطلق،ونفس الحال لفيلم «جمال عبدالناصر» الذى قام ببطولته خالد الصاوى.
ختامًا.. أرى أن حياة الزعيم الراحل تحتاج أكثر من عمل درامى ومن زوايا مختلفة حتى يعرف الأجيال الجديدة تاريخ بلادنا، وهذه الأعمال مهمة لأن هذه الفترة ذات قيمة تاريخية يلجأ إليها الناس الآن مقابل بعض القيم الأخرى التى لا يشعرون بها، ولكن يجب أن يعى القائمون على فكرة أى عمل عن الزعيم الراحل بأن نجاحه مرتبط بكيفية تقديم عمل فنى جيد يرصد الحقائق بلا تزييف أو إضافات، ليس لها أى قيمة.. فأتمنى أن أعمالًا درامية جديدة قريبًا.