تطبيقه يتسبب فى إضاعة الوقت واضطراب اللقاءات والأسفار
قصص وحكايات رفض عدد كبير من دول العالم لتطبيق نظام التوقيت الصيفى كثيرة، وعلينا جميعا أن نأخذ موقفا من هذا النظام الذى تعددت مساوئه، وهو ما كتبنا عنه أمس، واليوم نواصل لماذا نصر على تطبيق هذا النظام الغريب الذى أكدت كل الدراسات أن مساوئه أكثر من مكاسبه، وسيئاته أكثر من حسناته، فقد أكدت كل الأبحاث أن التوقيت الصيفى هو إضاعة الوقت فى تغيير كل الساعات الميكانيكية التى لا تتغير تلقائياً، وبالتالى يسبب تعقيدات خصوصاً للمسافرين فى مناطق زمنية مختلفة ما يسبب ارتباكاً واضطراب اللقاءات والمقابلات والأسفار والإذاعات والسجلات والمصارف وأنظمة الدفع. وبعض أجهزة الحاسوب تغلق نفسها أو تقوم بعمل إعادة بدء رستارت عند بدء التوقيت الصيفى وبعض الأجهزة الطبية قد تضر المرضى خلال ذلك أيضاً. ولا بد من تحديث البرامج وأيضاً برمجة الترموستات. وقد ورث التوقيت الصيفى عيوب ومساوئ التوقيت القياسى، مثلاً فى قراءة المزولة الشمسية وأيضاً سبب التعرض للشمس فى عز الظهر وهى الفترة الواجب تجنبها فى الصيف.
ولقد رفض هذا النظام ولسنوات طويلة رئيس الوزراء البريطانى هربرت أسكويث، والفلكى وليام كريستى «الحائز على لقب عالم الفلك الملكى»، وعالم الفلك والرياضيات جورج داروين، والسير وليام نابير شو عالم الأرصاد الجوية «مدير مكتب الأرصاد الجوية»، والكثير من المنظمات الزراعية، وأصحاب المسارح، وتم رفض المشروع فى لجنة البرلمان المنعقدة عام 1909.
وحاول حلفاء ويليت عرض الأمر وكرروا عرضه على البرلمان خلال الأعوام من 1911 حتى 1914 لكن دون جدوى. وقدم عضو مجلس النواب الأمريكى أندرو بيترز فى أمريكا نفس الاقتراح، وتم رفضه عام 1909. ولكن اندلاع الحرب العالمية الأولى غير توازن القوى والسياسات، فقادت ألمانيا الطريق لتوفير الفحم والطلعات الجوية، وتبعتها بريطانيا فى 21 مايو 1916. وحاول أصحاب المصالح التجارية والصناعية بأمريكا يقودهم صناعى بيتسبرج روبرت جارلاند تأييد تطبيق التوقيت الصيفى، لكن السكك الحديدية عارضت ورفضت ذلك، ولكن دخول أمريكا الحرب عام 1917 أسكت الاعتراضات وتم تطبيقه رسميا فى عام 1918.
وبانتهاء الحرب انقلبت الآية، واعترض الفلاحون على التوقيت الصيفى وقامت بلاد ودول كثيرة بإلغائه. ما عدا بريطانيا التى أبقته لكن بقوانين خاصة لتجنب تعديل الساعة فى عيد القيامة. أما الولايات المتحدة فقد ألغى الكونجرس التوقيت الصيفى بعد عام 1919، وكان الرئيس الأمريكى وودرو ويلسون، لاعب جولف مثل ويليت، لذلك حاول التصويت لصالح التوقيت الصيفى، لكن دون جدوى، وخلفه وارين هاردينج الذى كان معارضا تماما للتوقيت الصيفى، وقرر لتجنب تطبيقه، أن يبكر ميعاد بدء العمل فى واشنطن، وتقوم أجهزة الحاسوب الآن خصوصا مع نظام تشغيل الويندوز بتطبيق التوقيت الصيفى تلقائيا من تلقاء نفسها، حسب المنطقة الزمنية والدولة التى برمجت على وجودها فيها.
ومعروف أن عالم الحشرات النيوزلندى جورج فيرنون هدسون هو أول من ضحك على العالم بهذه البدعة السخيفة، حيث اقترح نظام التوقيت الصيفى لأول مرة، حيث منحته جهة عمله وقتاً قصيراً لجمع الحشرات فعلم قيمة ساعات النهار فى الصيف، وفى عام 1895 قدم ورقة لجمعية ولنجتون الفلسفية يقترح فيها تحويل الساعة بإضافة ساعتين إليها، وبعدما حظى الاقتراح بالاهتمام فى كرايست تشرش فى نيوزلندا أتبعها بورقة أخرى عام 1898. وبعض المصادر تنسب خطأ اختراع التوقيت الصيفى إلى البناء الإنجليزى والرحالة ويليام ويليت الذى فكر فى التوقيت الصيفى عام 1905 فى نزهة له قبل الإفطار، حيث اكتشف أن كثيراً من اللندنيين ينامون لقسم كبير من النهار فى أيام الصيف. وضايقه اضطراره إلى الانتهاء من مباريات الجولف عند الغروب، حيث كان يهوى لعبة الجولف، لذلك فكر فى تحويل الساعة خلال أشهر الصيف، وهو الاقتراح الذى قدمه ونشره بعد ذلك بعامين، ولكنه لم ينجح فى مسعاه فى المملكة المتحدة حتى وفاته عام 1915.