ليلة هادئة بامتياز عاشها رواد مواقع التواصل الأشهر في العالم "فيس بوك" واتس آب" و "انستجرام"، في حين لم يتأثر موقع التدوينات توتير، وكان تليجرام التطبيق الأكثر حظا، بعدما هاجرت إليه عشرات، ربما مئات الملايين حول العالم، للاستفادة من خدماته، كبديل لتطبيقات الدردشة والتواصل الفعالة، بعدما نجح في أن يصبح تطبيق تبادلي بامتياز، يقدم خدمات ممتازة، وأظن أن الأرقام الخاصة بمن حازوا التطبيق قد تكون تضاعفت خلال الـ 6 ساعات الماضية، ليصبح الرابح الأكبر من ليلة سقوط السوشيال ميديا.
سقوط وسائل التواصل الاجتماعي التقليدية دون أسباب مقنعة أو معروفة، بعيداً عن فكرة أن موظف كان يعبث، أو تحديثات غير مدروسة للسيستم، يجعلنا أمام عملية قرصنة عملاقة، نالت من التطبيق في ساعات حاسمة، وأثرت على خدماته بشكل كامل، وضربت أسهم شركة فيس بوك في مقتل، ومعها الأسواق الأمريكية، ومع استدعاء نظرية المؤامرة نجد أن الخدمة لم تعد إلى حالتها الطبيعية إلا بعد إغلاق البورصة الأمريكية، وإغلاق سهم فيس بوك على خسائر بمقدار 4.89%، وهبوط بمقدار 16.7 دولار خلال جلسة التداول!
لا يمكن أن ينهار عملاق السوشيال ميديا حول العالم لأسباب هامشية أو أخطاء فردية غير مدروسة، أو مجرد عمليات تحديث للنظام، بل المؤكد أن الشركة تتكتم على كارثة كبيرة، لا يمكنها الإفصاح عنها في الوقت الراهن، حتى لا تتعرض لمزيد من الخسائر خلال الأيام المقبلة، إلا أن الأمر لن يستمر طويلاً، خاصة مع توقعات قوية بعودة انقطاعات الخدمة عن العملاق الأزرق وأخواته مرة أخرى.
ما اكتشفناه على مدار 6 ساعات بالأمس يؤكد أن قطاع كبير من جماهير السوشيال ميديا تكره "فيس بوك"، وترى أنه وسيلة مزيفة للتواصل وعالم افتراضي وهمى، قلص فرص التواصل الحقيقية، وحان الوقت لهدنة من كل التطبيقات التي تستنزف أوقات الجماهير دون عائد أو طائل، حتى صار الأمر أشبه بمن يتعافون من الإدمان، ويلتمسون طريقهم نحو التحسن خطوة بخطوة، بل أصبح أحدهم يشيد بما حقق من إنجاز بأنه عاش 6 ساعات بدون وسائل تواصل، وحياته صارت أكثر هدوءا واطمئناناً.
سقوط عملاق السوشيال ميديا بهذه البساطة، ولهذه المدة الطويلة دليل قوى على أن ما نعيشه في هذا العالم الافتراضي خدعة كبيرة، وقد نستيقظ في أحد الصباحات الهادئة لنجد هذا العالم الأزرق في خبر كان، لذلك على وسائل الإعلام التقليدية أن تستعد لدورها خلال الفترة المقبلة، خاصة التلفزيون، الذي يعتبر البديل الأفضل والأكثر حضوراً من كل وسائل التواصل الاجتماعي، وأظنه سوف يستعيد جزء من جماهيره خلال الفترة المقبلة، خاصة مع حالة عدم الثقة التي خلقتها وسائل التواصل الاجتماعي الأكثر شهر بالأمس، لذلك علينا أن نضع رهانات جديدة على وسائل أكثر قوة، وغير مشمولة بفكرة المركزية الصارخة، التي تجعلها تخسر معاركها في كامل الكرة الأرضية دفعة واحدة.