إخوة الإسلام.. إذا كنا نبحث عن طاعة الله فى شهر الصيام، ونبحث عن الأمور التى يجب تركها حتى لا نبتعد عن طريق الله عز وجل، وإذا كان الصدق والتقوى وصلة الأرحام من الأمور المطلوبة فى شهر رمضان فإن أبغض ما يُبغض فى شهر رمضان أمور قد تؤثر على الصائم، فربما تذهب بصومه كلية، وعلى رأس هذه الأمور، بعد إفساد الصوم بالطعام والشراب عمدًا بلا عذر، أن يخوض الإنسان فى عرض الآخرين غيبة ونميمة فإنه من الأمور الذميمة.
وهذا الأمر الذى وقع فيه كثير من الناس، ويحبب إليهم بفعل وسوسة الشيطان، فيحلو لهم أن يتحدثوا عن الآخرين بما فيهم من أمور ليست مستحبة، وهذا من الغيبة التى حرمها رب العالمين أو يتحدث عنهم راميًا إياهم بأمور ليست فيهم، وهذا من البهتان والافتراء عليهم، كما بيَّن النبى، صلى الله عليه وسلم، على المرء وهو يتذكر الله كثيرًا فى شهر رمضان ويلازم كتاب الله عز وجل، أن يستعيض عن هذا الذى حببه الشيطان إليه، وهو بغيض بكتاب الله عز وجل، وأن يستبدل بهذه الألفاظ فى شرعنا ألفاظًا أخرى محببة، كذكر الله عز وجل، أو كذكر محاسن الناس، وليس متحدثًا عن مساوئهم وما فيهم من عيوب أو قصور أو راميا إياهم بما ليس فيهم.
فقد رُوى أن النبى، صلى الله عليه وسلم، اشتكى إليه من حال امرأة كادت تموت فى صومها فى رمضان فأتى بها إلى النبى، صلى الله عليه وسلم، فجلست إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فعلم حالها ثم جاء النبى، صلى الله عليه وسلم، بإناء وأمر المرأة أن تتقيأ فيه فقاءت، ثم أمر أخرى كانت تتحدث إليها أن تفعل مثلها، فقاءت حتى امتلأ الإناء بما يشبه الدم المختلط باللحم، فقال النبى، صلى الله عليه وسلم: إن هاتين المرأتين صامتا عما أحل الله عز وجل، وأفطرتا على ما حرم الله عز وجل، جلست إحداهما إلى الأخرى تغتاب الناس.
هذا الأمر جِدُّ خطير، وإنه ينبغى أن تكون موعظة للنفس ومخلصًا لها إذا ما طرأ لها أن تتحدث عن الآخرين بأمور لا يرضون عنها، فهو مذكور فى كتاب الله عز وجل مذمومًا، وغيره من الصدق والتحدث عن محاسن الناس مذكور وممدوح فى كتاب الله عز وجل، فلنكن حيث أراد الله عز وجل ولنبتعد عما لم يرد الله عز وجل.
والله عز وجل قال لنا: «وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ»، ونعوذ بالله أن نكون من هؤلاء.