عندما قال كيسنجر: «أخشى أن إسرائيل قد تضيع»!

رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير توقظ وزير الخارجية الأمريكى هنرى كيسنجر من النوم وتقول له: «أنقذنا.. أخشى أن سيناء قد ضاعت».. رد عليها كيسنجر: «بل أخشى أن إسرائيل قد تضيع»، وفتحت أمريكا مخازن السلاح، لترسل إلى المنطقة أسلحة لم يستخدمها الجيش الأمريكى نفسه.. وشتان بين روعة الانتصار ومرارة الهزيمة، والسادات المنتصر يذهب إلى مجلس الشعب، يهنئ شعبه ببوادر النصر التى هلت فى العاشر من رمضان، وزاده النصر إيمانا وتواضعا، وفى أوج الانتصار عرض السلام، سلام الشرفاء المنتصرين وليس المهزومين.

لا أنسى أبدا حرب الشماتة التى استهدفت تعميق الهزيمة فى النفوس، ومشاهد الشمس الحارقة وصفوف طويلة من الدبابات المصرية تحترق فى صحراء سيناء فى حرب 67، وتحوم حولها طائرات العدو الإسرائيلى، مثل الصقور الجائعة التى تنهش جثثًا متعفنة لشهدائنا الأبرار، ومن بعيد تأتى طائرة هليكوبتر، وبجوار قائدها مجندة إسرائيلية تحمل مدفعًا رشاشًا، تصيد به الجنود المصريين الفارين فى الصحراء بعد الانسحاب العشوائى، والصحيفة البريطانية التى نشرت الصورة كتبت تحتها تعليقًا يقول: «من أحق بالبقاء»، وسخرية واستهزاء وشماتة، وجرح كبير ينزف فى قلب مصر.

بكينا وجمال عبدالناصر يلقى خطاب التنحى يوم 9 يونيو، وتخرج المظاهرات العارمة فى الشوارع، تطالبه بالاستمرار وتكملة المشوار وإزالة آثار العدوان، وأيام سوداء حالكة الظلام، لم تذق فيها مصر النوم، وأخذت تغنى وتبكى لسيناء، بينما كان أولادها الذين ظلموا، يسابقون الزمن لتحرير الأرض واسترداد الكرامة، وتأتى حرب الاستنزاف، الصدمة التى أذهلت إسرائيل، فبعد أن تصورت أن مصر هزمت إلى الأبد، أفاقت على كابوس مزعج، المصريون لن يتركوا ثأرهم.

وكان من الظلم الشديد أن تلحق بالجيش المصرى هزيمة بشعة، دون أن يتاح لرجاله من الجنود والضباط فرصة عادلة فى القتال، مثلما حدث سنة 67..أُخذ هذا الجيش على غرة، فى حرب لم يكن مستعدًا لها، ولكن دخلها دفاعا عن الأشقاء السوريين الذين كانوا يتعرضون لاستفزازات إسرائيلية.. حاربنا من أجلهم ومن أجل تحرير فلسطين، وتحالفت قوى الاستعمار لضرب عبدالناصر وكسر شوكته، ونجحوا فى خطتهم التآمرية فى ضرب قوة مصر.

استوعب السادات الدرس، ولم يدخل الحرب من أجل ويلاتها وخسائرها، ولكن ليحقق لشعبه النصر والسلام والرفاهية، لهذا أقدم بقلب فولاذى على إبرام معاهدة السلام، التى هى ثمرة الحرب الكبرى.. ولم يعبأ بأى شىء سوى استعادة سيناء الغالية.. هل تذكرون القطيعة العربية، ونقل جامعة الدول العربية إلى تونس، والحرب الإعلامية القذرة ضد مصر وشعبها.. هل تذكرون الشماتة والتشكيك والتشويه والأعمال الانتقامية؟.. كل هذا لأن مصر استردت أرضها واستعادت كرامتها وحافظت على كبريائها الوطنية، وحققت سلام الشرفاء، دون أن تقدم أى تنازلات أو أن تسمح للعدو بتحقيق أى مكاسب.

نحن نعيش اليوم مرفوعى الرأس والهامة بسبب الانتصار العظيم الذى حققته القوات المسلحة المصرية، ولم تتخل يوما واحدا عن تحديث قدراتها وإمكاناتها لتكون قادرة على الذود عن تراب الوطن.. القوات المسلحة التى هى درع الوطن ومصنع الرجال وفخر المصريين، والتى تثبت كل يوم أنها الذراع القوية التى تحمى أمن الوطن وتصون استقراره.. القوات المسلحة التى تعطينا الثقة والطمأنينة، وتؤكد كل يوم أن نكسة 5 يونيو كانت استثناء عارضا، لأنها أخذت على غرة ولم تتح لها فرصة عادلة فى الحرب.

سوف يبقى العاشر من رمضان خالدا فى وجدان الشعب المصرى، تحتفل به الأجيال عاما بعد عام، وتستفيد منه الدروس والعبر، وشتان بين مصر قبل 73 ومصر بعدها.. مصر الآن تعيش فى خيرات النصر، الذى منحها الهدوء والاستقرار والأمن، واستطاعت أن تحمى نفسها، وتبتعد تماما عن جميع أشكال الحروب والصراعات التى تملأ المنطقة.. جيش مصر للدفاع عن تراب مصر وحماية شعب مصر، يصون ولا يبدد، يحمى ولا يهدد.. ويصرخ بأعلى صوته «أنا النيل مقبرة للغزاة».



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;