التسهيلات الائتمانية وتيسير إجراءات الحصول على القروض لبعض الفئات سلاح ذو حدين، خاصة من يعملون في المشروعات متناهية الصغر، فغالباً ما يتعثر أصحاب هذه القروض بصورة أو بأخرى نتيجة ظروف العمل، ومتغيرات السوق، وقانون العرض والطلب، والتأثيرات المتواصلة لجائحة كورونا محليا وعالمياً، وتوابعها على الأسواق ومعدلات الإنتاج والاستهلاك.
منذ فترة حصلت على قرض من أحد البنوك، وأحرص على السداد بشكل منتظم، وبمجرد متابعة البنك لديمومة السداد من جانبي، بدأت المكالمات الهاتفية تطاردني بين الحين والآخر، لعمل ما يسمى "استكمال للقرض"، ولمن لا يعرف معنى هذا المصطلح، فيمكن شرحه بصورة بسيطة وسهلة دون تعقيد فى مجموعة نقاط.
- القروض يتم تحميل أكبر جزء من الفوائد عليها خلال العام الأول من السداد.
- إذا نجح العميل في السداد يبدأ البنك استدراجه لاستكمال القرض، فيتم سداد القرض القديم بالكامل، وفتح قرض جديد نفس المبلغ.
- استكمال القرض ستحصل معه على سيولة جديدة، لكن تذكر أنك ستدفع عبء الفوائد وبعض المصروفات الإدارية من من جديد.
- حتى تفهم فكرة الفوائد يمكن شرحها كالتالي: مثلا لو أن القرض بقيمة 100 ألف جنيه، وفوائده على مدار 3 سنوات 25 ألف جنيه، ستدفع الجزء الأكبر من هذه الفوائد في العام الأول، فقد تدفع 12 ألف جنيه في العام الأول، ثم باقى الفوائد فى العامين التاليين.
- استكمال القرض يجعلك تدفع الفوائد "مرتين"، الأولى في القرض الأساسي، الذي ستدفع فائدته في العام الأول، ثم يبدأ معك البنك إجراءات الاستكمال، لتدفع نفس النسبة مرة أخرى على القرض الجديد.
- البنك هو الرابح الأول من هذه العملية، وستدخل أنت بصورة مباشرة في دوامة الديون التي قد تستطيع الوفاء بها أو لا وفقاً للمتغيرات والظروف التي تمر بها.
- موظفو البنوك وخدمات العملاء أبدا لن يخبروك بعبء الديون والفوائد التي ستتحملها، فقط سيخبرونك بالمزايا التي ستحصل عليها، من خلال توفير سيولة كاش مناسبة، في أسرع وقت ممكن، وبحسبة جهنمية ستدخل في دائرة لا تنتهي من القروض المتشابكة، التي لا يهدف موظف البنك منها إلا الحصول على "عمولة القرض"، أو تصنيف لائق بين أقرانه من الموظفين في تقارير الأداء الشهرية أو السنوية.
الأخطر من عملية "استكمال القروض" هو الجمعيات التي توفر أنشطة تمويل لمشروعات صغيرة ومتوسطة، "بنوك الظل"، التي تدًعى توفير قروض ميسرة لتنفيذ مشروعات متناهية الصغر للشباب، وجمهورها المستهدف غالباً ما يكون في الريف والمناطق الفقيرة، وبالفعل يتم تمويل مشروعات أغلبها على الورق، من خلال موظفين لا يهتمون فقط إلا بالحصول على عمولة هذه القروض، فيتم تحميل مجموعات كبيرة بحصة أموال ضخمة، يعجز بعضهم عن السداد، وتضيع أموال هذه الجمعيات والمؤسسات التمويلية على المدى الطويل، بعد تصنيف تلك القروض إلى ديون معدومة!
الريف مملوء بحكايات حول جمعيات توفير التمويلات للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، بل أكثر من ذلك هناك أسر باعت كل ما تملك لسداد القروض وأعبائها، بعدما خدعهم المندوبون بأنها منخفضة الفائدة وميسرة، مع العلم أن أغلب من يتم تمويلهم يعانون الأمية، والتمويل المرصود للمشروع أو الحرفة المتفق عليها يتم توظيفه لزواج الابنة أو الابن، لتبدأ كرة الثلج في التضخم، وسلسلة الديون في التزايد، ويصبح العميل إما في السجن أو أمام فقد منزله وكل ما يملك، نتيجة قرار غير مدروس، تم الترويج له على نحو يخالف الحقيقة.
مشكلة كبيرة أن يتم توفير تمويل لشريحة من العملاء ليس لديها أي خبرات أو مقومات لسداد القروض، سواء من خلال البنوك أو جمعيات التمويل، ويجب أن تكون هناك ضمانات مناسبة قبل عمليات الإقراض، وفق التعليمات الواضحة من البنك المركزي، فالموضوع أكبر بكثير من مجرد عمولة موظف أو محفظة قروض لدى البنك، أو مؤسسة التمويل، لكنه نظام مالى، قد يتعرض لخلل نتيجة هذه التصرفات غير المدروسة من جانب البعض.