الآمال مازالت معلقة على النظام التعليمي الجديد، في تخريج طالب قادر على فهم متغيرات الواقع، والانخراط بسهولة في التعليم الجامعي، واختيار التخصصات التي يرغب الدراسة فيها دون المشكلات القديمة، التي كانت ترتبط بفكرة مكتب التنسيق ومجموع الدرجات، وقد جاءت المناهج الجديدة للصفوف الأولى متطورة وجيدة وعلى درجة كبيرة من التميز، إلا أن العديد من المدارس، وتحديداً الخاصة مازالت تعمل "على قديمه".
نظرية على قديمه ما زالت مسيطرة في العديد من المدارس الخاصة حتى الآن، فالنظام الجديد الذى يعمل بمنطق التعلم النشط، والتفاعل مع الطالب وتجاوز الحفظ والتلقين والأساليب القديمة، ويستهدف تحقيق متعة التعلم وممارسة الأنشطة، مازال البعض يحاول الاستمرار في فلسفة حشو أدمغة الطلاب من خلال "ملازم البوكليت"، التى تتم طباعتها في المكتبات المجاورة للمدارس - مقابل نسبة معتبرة للمدرسة - وعلى أولياء الأمور شرائها بصورة إجبارية، حتى يتمكن أبناؤهم من حل الواجبات، وعمل التدريبات اللازمة، وكأن الكتب والمناهج الجديدة ليس لها قيمة!
النظام التعليمي الجديد يصعد خلاله التلميذ في السنوات الثلاث الأولى دون درجات نجاح أو رسوب، والموضوع مجرد تقييمات تُقدم لأولياء الأمور لقياس مهارات الطالب، إلا أن ما يحدث الآن فاق كل التوقعات، فقد فوجئت بأن البوكليت المطلوب من طلاب الصف الثالث الابتدائي، في مواد اللغة العربية والرياضيات واللغة الإنجليزية تصل صفحاته إلى 300 ورقة، نعم الرقم دقيق 300 ورقة.. "بوكليت التدريبات" الخاص بمادة اللغة العربية وحدها يصل إلى 130 ورقة، بينما الإنجليزية 85 ورقة، ثم الرياضيات 90 ورقة، ليصل المجموع النهائي حوالى 300 ورقة، تخص الفصل الدراسي الأول فقط!
تكلفة طباعة وتغليف البوكليت، الذي لا تعرف عنه وزارة التربية والتعليم شيء، ويتم بيعه في المكتبات لصالح المدارس الخاصة، تصل إلى حوالي 400 جنيه، في الترم الواحد، مع العلم أن هذه المدارس تحصل على مصروفات الكتب مضاعفة، في تجاوز واضح لكل التعليمات التي تضعها وزارة التربية والتعليم، ليتحمل أولياء الأمور نفقات وأعباء مالية طول فترة العام الدراسى.
بعيداً عن فكرة التكلفة والأموال تبقى قضية متعة التعلم والأنشطة، التي لن يتمكن الطالب من ممارستها على الإطلاق في ظل مناهج تحمل كل هذا الكم من الأعباء والأوراق، هي الأهم، فالحقائب المدرسية باتت متضخمة، لا يقوى تلاميذ الصفوف الأولى على حملها أو التعامل معها، بعدما باتت أكبر من قدراتهم الجسدية، ومملوءة بعشرات الكتب والملازم، التي تكرس لفلسفة الحفظ والتلقين مرة أخرى، رغم أن الهدف من النظام التعليمي الجديد يختلف كلياً عن هذه الفلسفة.
يجب أن تتحرك وزارة التربية والتعليم ومعها كل أجهزة الدولة المعنية لمواجهة تجارة الملازم، وتجار الورق، والأنشطة الجهنمية، التي يلجأ إليها البعض نظير الحصول على مكاسب مالية ضخمة، سيدفع النظام التعليمي الجديد ثمنها غالياً، وسوف يتجلى تأثيرها واضحاً على أبنائنا وبناتنا بصورة مباشرة، إذا لم نتداركها جيدا، وهذه رسالة مفتوحة إلى كل من يهمه الأمر، للبحث عن حلول جذرية لمشكلة الملازم الخارجية وسبوبة طباعة البوكليت من المكتبات المجاورة للمدارس.