أسعدتني الفنانة الدكتورة ماجدة صالح، أشهر راقصة بالية مصرية "باليرينا" وأول مدير لدار الأوبرا المصرية الجديدة، برسالة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. فهي تعيش حاليا في الولايات المتحدة الأمريكية.
الرسالة الرقيقة من الدكتورة ماجدة جاءتني عقب نشر مقال يوم السبت الماضي، طالبت أو اقترحت فيه بمناسبة مرور 33 عاما على إنشاء دار الأوبرا الجديدة في أرض المعارض، بضرورة تكريم يليق بالدكتورة ماجدة صالح أول مديرة لدار الأوبرا، والتي كان لها دور كبير في تأسيس الأوبرا منذ أن كانت ركاما من الطوب والزلط، وحتى تم بناؤها وافتتاحها من الرئيس السابق حسني مبارك. ثم صدر قرار مفاجئ من وزير الثقافة وقتها فاروق حسني بتولي الدكتور رتيبة الحفني مديرا لدار الأوبرا.
جاء في الرسالة: "الأستاذ عادل السنهوري.. أطيب التحية وشكرا وفيرا لكلماتك هذه ولما كتبته عني وعما حدث منذ أكثر من ثلاثة عقود وما سعيت إليه من رد اعتبار لي".
وأرفقت الدكتور ماجدة مع الرسالة صورة لها بالأفرول في عام 88 مع مهندس الأوبرا الياباني كويشيرو شيكيداـ ود. جون رو دنبيك الاستاذ بالجامعة الامريكية وزوجته اليزابيث رودنبيك أثناء عمليات البناء والتشييد للأوبرا.
الدكتورة ماجدة صالح تعيش حاليا في الولايات المتحدة الأمريكية ومتزوجة منذ 28 عاما من عالم المصريات الأميركي جاك جوزيفسون، وهذا تصحيح لخطا غير مقصود في المقال السابق عن زواجها من الدكتور ممدوح الدماطي وزير الآثار السابق، الذى تربطه بها وبزوجها علاقة صداقة قوية.
الدكتور ماجدة صالح تزور مصر من وقت لآخر والتقتها الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة في زيارتها لمصر في نوفمبر 2019.
رسالة ماجدة صالح قالت ولم تقل الشيء الكثير، وأظن بشكل شخصي فهي غير حزينة على الفترة التي تولت فيها مسئولية التأسيس والبناء وتعتبرها فترة من أعز الفترات في حياتها الى جانب فترة التحقت فيها بالدفعة الأولى بالمعهد العالي للباليه في الستينات، ثم حصولها على دورة دراسية ضمن 5 طالبات في فرقة البولوشوي الروسية الشهيرة وحصولها على وسام الاستحقاق من الرئيس جمال عبد الناصر.
وبالمناسبة فقد حكت حكايتها الممتعة مع البالية من خلال فيلم وثائقي اسمه" هامش في تاريخ البالية" عام 2016 للمخرج هشام عبد الخالق بعد غياب عن مصر 26 عاما.
تسرد بلغة بديعة في بعض مشاهد الفيلم عن فترة الأوبرا وما قبلها فتقول" ما حققناه إنجاز عظيم. والفضل يعود إلى الكثيرين...أشعر بالحنين إلى الماضي مثل أبناء جيلي من المصريين. فنحن آخر جيل شهد مصر التي أصبحنا نتلصّص عليها في الصور المؤرشفة والأفلام قائلين: لم ندرك أنها كانت هكذا، وأن هذا ما عشناه وشهدناه. نعم كانت مرحلة ذهبية، على الأقل في ذاكرتنا. وربما أنظر إلى الأعوام السابقة نظرة حنين لأنّ العمر تقدّم بي. مصر بلد قديم، واجه تحديات فظيعة في تاريخه الثري، لذا سأستشهد بما قاله صديق أميركي: “المصريون يجيدون البقاء”
عقب حريق الأوبرا القديمة في ميدان الأوبرا بالقاهرة أصر والدها على اكمال دراستها لنيل الماجستير والدكتوراه في الولايات المتحدة الأمريكية. ذهابها الى هناك لدراسة الرقص الحديث بمنحة جامعية صدم الكثيرين لأنها خريجة البولشوي في موسكو، خصوصاً أن الحرب الباردة كانت مشتعلة عام 1972. يعود إلى والدها الفضل في انهاء رسالة الدكتوراه المعترف بها عالمياً والتي توثق الرقصات الشعبية التقليدية في مصر. وقد أرفقتها بفيلم (إثنولوجي) أصبح كلاسيكيا عنوانه «أشواق الأهالي» مولته المؤسسة المصرية العامة للسينما».
عادت للقاهرة وفوضت بإعادة تنظيم وإدارة المعهد العالي للبالية الذى كان في وضع يرثى له بعد تفريغه من الكفاءات والطاقات وتحكي:" نظّمت المعهد، كأكاديمية عسكرية. وسأعترف بأنني كنت في تلك المرحلة غاضبة لرؤية كل شيء يتغيّر في البلد. كان صعباً الشعور بالعجز. وكنت كأنني أسبح في النيل وأحاول بيد واحدة أن أغيّر مجراه».
تكشف ماجدة صالح في الفيلم تفاصيل ما حدث معها في الأوبرا:" تسلمت إدارة دار الأوبرا من دون أي إمكانيات وبذلت مجهودا جبارا في مواجهة تيار مضاد. وقد شرفتني تسميتي مديرة دار الأوبرا، وأقسمت للوزير الذي اختارني (فاروق حسني) بأن أبذل قصارى جهدي. لكن عملي الجاد واعتراف الآخرين به كانا سبب إبعادي. الرجل الذي سمّاني، أبعدني عنه وعن كل شيء بعدما انتزعت اعترافا واسعا بالجهد الذي كنت أبذله. وبدل أن يشكرني وينهي الموضوع بوضوح كنت سأقبله اعتمد أسلوب التجريح الفظيع. كانت التجربة مؤلمة، وهذا الألم لم يغادرني، فرحلت إلى الولايات المتحدة حيث أحاول بكل تواضع أن أخدم الثقافة المصرية، ليتعرف الجمهور الأميركي عبر عدد من الأنشطة إلى تاريخنا وما حققناه. على سبيل المثال بعد عرض الوثائقي، تم الاحتفال في نيويورك بالرقص المصري، وأفردت صحيفة النيويورك تايمز صفحة كاملة عني وعن التجربة المذهلة التي عرفتها مصر».