يؤكد التاريخ المصرى عبر عصوره وأزمنته المختلفة أن المصريين لم يقبلوا يوما بالمحتل، وأنهم وقفوا له بالمرصاد وأعلنوا حربا طويلة ومديدة عليه تبدأ من أول قدومه حتى خروجه، ولعل ما حدث فى الحملة الفرنسية على مصر (1798- 1801) أكبر دليل على ذلك.
لم تنقض ثلاثة أشهر على الحملة الفرنسية حتى انطلقت ثورة عارمة يسميها رجال التاريخ بالثورة الكبرى، أو ثورة القاهرة الكبرى حدثت فى 20 أكتوبر من 1798، أشعلها طلبة العلم فى الأزهر الشريف، ثم انضم إليهم عامة الناس، وكانت ثورة كبرى بالفعل فاجأت نابليون بونابرت فى قصره، لأنها جاءت على عكس خططه الساعية لخداع الشعب المصرى والسيطرة عليه بأفكار مدروسة مستخدما العاطفة الدينية والوطنية أيضا.
وبالطبع فإن أسباب الثورة على الفرنسيين كثيرة، فبالإضافة إلى الضرائب التى فرضها على المصريين خاصة التجار، كذلك فإن جرأة جنود الحملة على اقتحام البيوت المصرية، بحثا عن هاربين، وهو ما لم يعتده المصريون، وكذلك هدم الحارات والمساجد وغير ذلك من المبانى، كل هذه الأسباب كانت النار التى أشعلت كل شيء.
المهم أن هذه المفاجأة التى أشعلت القاهرة بالفعل دفعت نابليون إلى أبعد نقطة ممكنة فى ملف غضبه فأعلن الحرب الشاملة، واقتحم الأزهر الشريف وبالخيول وقتل الثوار وأعدم شيوخا وبالتالى سقطت هيبة نابليون إلى الأبد.
بالطبع خضعت هذه الثورة المهمة لدراسات تاريخية عديدة أحاطت بها وبكل كواليسها وتفاصيلها، لكن ما يهمنى بالفعل هو سرعة الغضب ضد المحتل.