أفريقيا أول مرة - ليبيريا

كان يوما الترانزيت بأبيدجان لطيفبن وثريين بالخبرات الجديدة في بلد لم ازره من قبل ، وسررت لمروري بساحل العاج الغناء بالمياه والخضار والجنسيات الكثيرة من البشر متعددى الألوان والأعراق والألسنة . كانت المسافة من وسط المدينة الى مطار أبيدجان قصيرة لم أكد أحس بها حتى وجدت نفسي أمام مدخل المطار ، فاندمجت ومودعى فورا في إجراءات المرور من الجوازات لتنتهي تلك الاجراءات في سلاسة وفي وقت قصير . ودعت زميلي كريم الضيافة والمعشر ، ليغادر المطار الى شؤونه ، بينما دلغت الى داخل المطار . كان الجو حارا رطبا في يوم مشرق مبهج ، فلم أهتم كثيرا للرطوبة والحرارة ورحت أبحث بفضول عن الطائرة التي ستقلني الى ليبيريا أخيرا . كان اسم خط الطيران الناقل من أبيدجان الى ليبيريا ما معناه " العصفورة " وهى شركة خاصة تدير طائرة صغيرة أو أكثر بين ساحل العاج وليبيريا - وربما عدد من الدول المجاورة لساحل العاج - وتستعين بطيارين من بلد أوروبي شرقي في الطيران بتلك للطائرات الصغيرة . وعندما يستغرب المرء من اسم الشركة الناقلة او اسم الطائرة فعليه أن ينتظر حتى يرى تلك " العصفورة " . فغرت فاهي حين رأيت الطائرة ، فهى أصغر من أن تكون طائرة تقل بشرا وأمتعة أو تطير بين الدول ، فقد كانت حقا عصفورة بالنسبة الى الطائرات العادية ، ناهيك عن الطائرات الضخمة . وألجمت الدهشة عينيا ولساني ، فصرت مشغولا بسؤال نفسي عن كيفية طيران هذه الطائرة بكل هولاء الركاب مصحوبين بالأمتعة ؟ ولا توجد إجابات ، فقط صمت وتحركات واستعدادات لاقلاع الطائرة . كأن الاجابة الوحيدة المطروحة للجميع : هذا هو الحال ، فمن شاء فليبق ومن شاء فليرحل وليبحث لنفسه عن طائرة أخرى . نعم ، من شاء أن يرحل فليرحل ، فلم توجد خطوط طيران أخرى الى ليبيريا التي كانت ممزقة بالحرب الأهلية وبالفصائل المتصارعة في تسعينات القرن الماضي . فمخاطر الطيران كانت جمة في تلك المنطقة في ذلك الوقت ، والإقدام عليها عمل ربما كان أقرب الى المغامرة ، تماما كمغامرة المسافر على ظهر عصفورة . حان موعد الصعود إلى الطائرة فنهضت من مقعدي في صالة الانتظار وتوجهت إلى حيث يقف مسؤولو مراجعة جوازات السفر قبل تقدم الركاب الى أرض المطار ، وانتهت اجراءاتي سريعا لأتقدم مع بقية الركاب الى حيث تربض الطائرة العصفورة . كانت الطائرة عن قرب فعلا صغيرة بشكل مخيف حتى ليشك المرء في إمكانية تحليقها أصلا الا معلقة بخيوط وحبال ، كما في أفلام الأطفال من الكارتون وغيره . ومشاعري بين الرغبة في الضحك والخوف والاستغراب والفضول بشأن مصير رحلتي هذه الى بلد ممزق بالحرب وبالفصائل المتحاربة . كان عدد الركاب لا يزيد عن خمسة عشر راكبا . وضعت أمتعتنا عند ذيل الطائرة وصعدت والركاب على سلم من عدة درجات قليلة قافزين فوق أمتعتنا التي فرشت على أرض الطائرة وفوق بعضها البعض ، كما لو كنا في مخزن خلفى في بيت ريفي . وقلبي يدق من القلق مما انا مقبل عليه من مغامرة خطيرة . نعم ، السفر بطائرة كالعصفورة مغامرة خطيرة .



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;