في إطار من الاعتزاز باللغة العربية والانتصار لها، كنا قد نشرنا مقالا 4 فبراير 2021، جاء تحت عنوان "البرلمان المصرى ينتصر للغة العربية"، حيث طالب المستشار حنفى جبالى رئيس مجلس النواب وقتها خلال رئاسة الجلسة العامة أعضاء المجلس بمراعاة الحديث باللغة العربية بعدما رددت إحدى النائبات كلمة "كوالتى" أثناء حديثها الموجه لوزير الكهرباء، ولم يكتف بهذا، بل وجه بحذف هذه الكلمة الأجنبية من المضبطة على أن يتم وضع ترجمتها باللغة العربية "الجودة"، في مشهد يعكس حرص رئيس المجلس على حماية اللغة الأم، والجميل والذى يستحق التقدير أن مشاهد اعتزاز وحرص المستشار حنفى جبالى على التزام النواب بالتحدث باللغة العربية لم تتوقف خلال الانعقاد الأول، لتؤتى ثمارها خلال دور الانعقاد الثاني للفصل التشريعي الثاني، بعدما بدأ بالفعل بعض النواب التدقيق لغويا في مشاريع القوانين والمطالبة بتعديل بعض فقراتها لغويا.
غير أن هناك عشرات المصطلحات اللغوية حرص رئيس البرلمان على إضافتها أو حذفها أو تعديلها سواء على مشروعات القوانين المقدمة من الحكومة أو النواب أو على حديث النواب أنفسهم أمام الجلسة العامة، وذلك حرصًا على عدم التلاعب بالألفاظ وتجنيب القوانين أى عوار دستوري. وهذا ما وضح جليا في أول أيام دور الانعقاد الثاني، بحرص السادة النواب ورئيس المجلس على التدقيق على كل صغيرة وكبيرة لغويًّا وتشريعيًّا.
ونموذجا على ذلك، موقف رئيس المجلس المستشار حنفى جبالى أثناء مناقشة القوانين بدور الانعقاد الثانى مع أحد النواب، حيث طالبه بتعديل لغوى وتشريعي عند مناقشة مشروع قانون مقدم بتعديل بعض أحكام القانون رقم 10 لسنة 2018 بإصدار قانون حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة، حيث كانت الملاحظة أنه يجب تعديل حرف الجر "على" إلى "عن" في مادة من مواد مشروع القانون، وبالفعل أخذ الرأى عليه بالموافقة وتم تعديله في المضبطة وفي تقرير اللجنة، مطالبا دوما بحذف أية عبارات أجنبية ترد على لسان النواب من مضبطة المجلس، مستثنيا الأسماء العالمية والعبارات العلمية المتعارف عليها.
وأخيرا، إن ما يفعله رئيس البرلمان المستشار حنفى جبالى، أمر مهم يستحق التقدير وبمثابة رسالة مهمة لنواب الأمة، بأن دورهم فى الحفاظ على اللغة العربية أكبر وأعظم من غيرهم، وخاصة أن من أبسط حقوق الرأى العام المصرى أن يخاطب بلغته، كما يخاطب الرأى العام الأمريكى بلغته وكما يخاطب الرأى العام الفرنسي أو الرأى العام بألمانيا بلغته، إضافة إلى الحفاظ على هوية اللغة تعد مسألة أمن قومى، وكونهم جهة تشريعية فى النهاية، غير أن اللغة العربية بالفعل تواجه فى أيامنا هذه أشد التحديات، بعد أن هجرها بعض أبنائها، وأصبح البعض يتفاخر بالتحدث باللغات الأجنبية، من غير أن يدرك ما يقترفه من جرم، وخاصة أن هذه الظاهرة للأمانة آخذة فى الاتساع، رغم ما تنطوى عليه من مخاطر كبرى تهدد لغة الضاد، متمنين مواصلة أعضاء مجلس النواب جهودهم فى حماية لغتنا، وخاصة تمرير قانون حماية اللغة العربية الذى تقدم به مجمع الخالدين لضمان سير أمور اللغة وحمايتها للأفضل فى ظل التحديات التى تواجهها..