من منطلق النجاحات المحققة في الدولة المصرية في العديد من الملفات الرئيسية، وتماشيا مع فلسفة الدولة في العمل على المسارات المتوازية بحيث يكون لكل ملف رجاله القائمين عليه للنجاح فيه، كان عقل الجمهورية الجديدة دائما يفكر في المعلومة وقيمتها، فالمعلومة هي التي تقيم المشروعات وتؤمنها، ومن المعلومة والأرقام نغير مساراتنا لطريقها الصحيح، وطالما توفرت المعلومة فإنها الوسيلة الأصدق والأوقع لتوفير الوقت والمجهود والأموال أيضا، وفى سبيل تحقيق ذلك كان تفرد مصر العظيم في المنتدى العربى الاستخباراتى، باعتباره أقوى مصادر المعلومة العربية المشتركة، حتى يمكننا أن نعتبره مشروعا قوميا عربيا للمعلومة.
والمعلومة هنا مشتركة بين الأشقاء العرب في ملفات بعينها، بما يحفظ سيادة الدول واستقلاليتها، ويؤمن كذلك تلك السيادة ويدعمها ويعززها، فمن غير المنطقى ألا يكون هناك تشارك في المعلومة في الوطن العربى وسط كل تلك التحديات التي تموج بها المنطقة ومنطقة الشرق الأوسط، لذلك كانت فكرة المنتدى العربى للاستخبارات، وهو المشروع القومى الأعظم في سبيل تحقيق ذلك التكامل والتضافر لوضع تصورات عملية وحقيقية تعتمد على شفافية المعلومات المتوفرة، اعتمادا على موارد مختلفة وعقول تفكر في كافة الاتجاهات، لتصنع مخرجا عربيا قوميا حقيقيا وواقعيا يعرف الأزمة وأبعادها، متى توفرت الثقة بين الأطراف في طرح تلك المعلومات بشكل حقيقى ومؤمن بالكامل بين الأعضاء المشاركين.
وتفرد مصر وأشقائها العرب في ذلك المنتدى، هو الآلية الوحيدة القوية والداعمة للقرارات السياسية، والناتج عن ذلك الاجتماع في قلب القاهرة يمكنه المساهمة في إرساء منظومة متكاملة ومحكمة لمكافحة الإرهاب بما يساعد على صون الأمن القومي العربي وتحقيق الآمال المنشودة لشعوب المنطقة العربية، والمعلومة وحدها هي التي ستحقق ذلك، في ظل تباعد وجفاء تم عبر عقود بدعم من أطراف خارجية لزعزعة استقرار الدول العربية ودول المنطقة، بحيث لا يجتمعون على هدف واحد، حتى حدث ما حدث في الوطن العربى، و ظهر قادة يؤمنون بأن الدول الوطنية يجب أن تتوافق في الأهداف والرؤى حتى يمكنها أن تؤمن شعوبها وتتماشى مع العالم في أفكاره، لتصنع منهجا عربيا موحدا قادر على مسايرة الأوضاع والأطماع، وخلق فرصة شريفة في الدفاع عن الأوطان وتحقيق الاستقرار والاستقلال للقرار الصادر من تلك الدول.
والمنتدى العربى الاستخباراتى، هو منظومة عملية واقعية لتقريب وجهات النظر في ظل التداخل في التوجهات حول قضايا كبرى في العالم، لذلك فالمخرجات الناتجة عنه والنابعة من قادة أجهزة المخابرات في الدول العربية هي الأقرب للحقيقة، باعتبار أن التحديات والمسئوليات التي وضعوا فيها خلال 10 سنوات مضت كفيلة بأن تصنع لديهم تصور حقيقى للمشاكل والتحديات وأبعادها، حتى يمكننا القول بكل صدق وأمانة أن أجهزة المخابرات في الدول العربية تحديدا هي أكثر الأجهزة في العالم التي تعاملت مع مشاكل حقيقية وصلت لمحاولات هدم بعض تلك الدول، وربما نجح الأمر في عدة دول، لكن بفضل الله وبقوة رجال المعلومات في تلك الدول تم الحفاظ على بقية الدول، وما يعول عليه في المنتدى هو ما ينتج عنه من خطط ودراسات عملية وواقعية تصب في صالح الشارع العربى.