إن افتتاح قناة السويس هو الحدث الأبرز فى القرن التاسع عشر ليس فى مصر فقط ولكن فى العالم كله، من وجهة نظرى، ففى 15 نوفمبر من عام 1869 افتتح الخديوى إسماعيل وضيوفه مشروع القناة بعد سنوات من العمل به، وقد تكلف الحفل 2 مليون و400 ألف جنيه.
ومع اعتراضنا على هذه التكلفة العالية، وعلى أجدادنا الذين دفعوا أعمارهم فى حفر القناة دون أن يأخذوا حقهم أو يشار إليهم، فإننا نسجل أيضا أنه بعد كل هذه السنوات لا يزال ذلك المشروع هو الأعلى فى تاريخ نهضة مصر، لأنه أدخل مصر بقوة فى قلب العالم، هو مشروع عالمى كما نعرف، ولم يكن لمصر أن تتأخر أكثر من ذلك فى شق القناة.
لم يتعامل الخديوى ومن جاء بعده بما يليق بالقناة فقد أخذها الديَّانة كما نعرف، وكان لها دور فى هزيمة عرابى وجيشه، ثم تقريبا نسيها المصريون، لكن فى عهد جمال عبد الناصر وقيامه بتأميمها فى سنة 1956، واشتعال العالم من أجل هذه الحركة السياسية الخطيرة، لفت ذلك العالم كله إلى أهمية هذه القناة، وجعل المصريين جميعا على قلب رجل واحد فى إدراكهم لأهمية مشروعهم، لقد بدأوا ربما للمرة الأولى يعرفون ويتعالون بأنه مشروعهم وعليهم امتلاكه والدفاع عنه.
عندما أشاهد الآن حفل افتتاح القناة، أتأكد من كون الخديوى إسماعيل كان على درجة كبيرة من إدراكه لأهمية هذه القناة في أن تجعله حاكما عظيما، وهى بالفعل قادرة على ذلك.