قد تسنح لك الفرص لمقابلة العديد من الشخصيات العامة سواء فى الأدب أو السياسة أو الاقتصاد، وغيرها من المجالات، لكن قليلًا منهم من يترك بداخلك أثرًا فيما يتعلق بالجانب الإنسانى، ولا أنكر أن الغالبية يتمتعون بحالة إنسانية عالية، ويظهر ذلك من خلال تعاملهم مع الآخرين، لكنى أريد أن أتحدث هنا عن الأديب طالب الرفاعى.
طالب الرفاعى كما يعرفه الناس أديب كويتى استطاع أن يحفر اسمه بحروف من ذهب داخل العالم الثقافى، رغم عدم غزارة إنتاجه الإبداعى وما كتبه سواء من روايات أو قصص قصيرة، فإنه قد أصبح من الأسماء الأدبية المرموقة ليس فى العالم العربى فقط، بل عند الغرب أيضًا، فقد ترجمت أعماله إلى عدد من اللغات: "الفرنسية، والإنجليزية، والهندية، والتركية، والصينية، والإسبانية".
يمتلك الروائى والقاص طالب الرفاعى الذى تم اختياره شخصية العام الثقافية فى معرض الشارقة الدولى للكتاب بدروته الـ40، حالة من الإنسانية الجميلة، فعندما تتحدث معه تلاحظ ذوقه الرفيع فى الحديث وبابتسامة رسمت على وجهه تجده مرحبًا ومستمعًا لك بكل آذان صاغية، ليتم تبادل الحديث بكل رقى، حتى ما إذا طلب منه أحد عمل مقابلة صحفية وكان مرتبطًا بموعد ما فيعتذر بكل لطف بحيث لا يشعر صاحب الطلب بالإحراج.
وخلال وجوده فى معرض الشارقة للكتاب بصفته شخصية العام الثقافية طلبت منه عمل حوار صحفى، فرحب بذلك، وحددنا الموعد والمكان، وعندما ذهبت إليه كان جالسًا فى إحدى دور النشر، وتبادلنا السلام وانتظرته حتى ينتهى من الحديث مع صاحب دار النشر، وخلال هذا قابلت الكاتبة والروائية العراقية إنعام كجه جى، فانتهزت الفرصة وأجريت معها حوارًا صحفيًّا، وخلال ذلك كان الأديب طالب الرفاعى قد انتهى من حديثه ومر وصافح الكاتبة العراقية بكل ود وقال لى "أنتظرك بعد انتهاء حديثك مع الكاتبة الكبيرة"، فما هذا السمو فى الأخلاق الرفيعة! وبالفعل انتظر قرابة 15 دقيقة دون أن يشعرنى بالضيق، وبعد انتهاء حوارى مع الكاتبة إنعام كجه جى، ذهبت إليه وقال: "أين نجلس؟ لا يوجد مكان، تعال نجلس على الأرض"، وبالفعل جلسنا على الأرض ولم يتكبر أو يتعال، ودون تكليف فعل الأمر بشكل طبيعى.
لم يكن هذا هو الموقف الوحيد الذى لاحظته على الأديب طالب الرفاعى، بل إن مواقفه الإنسانية والأخلاقية الرفعية عديدة، ولكن لا يسعنى أن أسردها فى مقال واحد فقط، بل تحتاج إلى عدة مقالات، لأديب تميز بالتواضع وسمو الأخلاق ليؤكد حسن اختيار معرض الشارقة الدولي للكتاب شخصية العام الثقافية، كنموذج على الشخصية الأدبية ليس عبر كتاباته فقط، بل لملامح شخصيته الراقية فدمت مبدعًا أيها الأديب.