جمع مبالغ مالية من المصلين نظير خدمات حفظ الأحذية في الصناديق الخشبية أو المعدنية، كان أحد العادات الخاطئة، التي يقع فيها بعض الأئمة وعمال المساجد، وقد جاء قرار وزير الأوقاف، بمنع جمع تبرعات نقدية أو مبالغ مالية نظير هذه الخدمات صريحاً واضحاً، ليقضى على تلك الظاهرة السلبية، التي كانت تستغل رواد بيوت الله، وتقدم صورة غير حضارية.
أتصور أن الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، وضع يده على القضية المحورية التي تخص المساجد، وهي أنها للعبادة فقط، وليست مكاناً لجمع التبرعات، أو وسيلة يستخدمها البعض للاستجداء، أو أداة تُستغل أموالها بصورة أو بأخرى في أعمال تخالف القانون، وتتعارض مع صحيح الدين، لذلك كانت مجموعة القرارات الحاسمة، التي أقرت بإزالة صناديق التبرعات من المساجد، ومنعت تحصيل أي رسوم أو أموال نظير حفظ الأحذية، حتى تظل بيوت الله بعيدة تماماً عن الأفعال والسلوكيات البشرية، التي تصيب مرة وتخطيء مرات.
مشهد إعطاء النصف جنيه، والجنيه، لعامل صندوق حفظ الأحذية كان دائماً لا يليق بروحانيات المسجد، وقيمة الصلاة، وأهمية الخشوع والذكر والعبادة، وكل الأجواء الجميلة، التي نشعر بها عند القدوم للصلاة في المساجد، لذلك كان منفراً أن نجد من يمد يده ويفتح جيوبه لعطايا الناس، صغيرة كانت أو كبيرة، إلا أنها بالطبع كانت تنال من قيمة العامل، بالإضافة إلى أن الأموال التي يتم جمعها تتحول إلى مطمع وغنائم عند تقسيمها بين العاملين، فيتحول العمل في المسجد إلى تجارة بخسة، ويترك الجميع وظائفهم سعياً خلف جمع المال واقتسام العوائد.
مساجد الله لا ينبغي أن تتحول إلى جمعيات خيرية تستقبل التبرعات وتتلقى العطايا والمنح، وعلى من يرغب في فعل الخير أن يسارع إلى وضعها في الحسابات البنكية المعلنة من قبل وزارة الأوقاف، التي تضمن أن تتحرك هذه الأموال في المسارات القانونية الصحيحة، ولا تتحول إلى وسيلة أو هدف لأمور مشبوهة هنا أو هناك، أو تصبح باباً لفساد أو إفساد، لذلك أرى أن قرارات الأوقاف الأخيرة أصابت الهدف بامتياز، وبرهنت أن نظافة اليد والنزاهة أداء وطريق وليست مجرد شعارات أو عبارات، وقول دون فعل، لذلك أتمنى أن يتعاون الجميع في الإبلاغ عن أي شخص يستغل المساجد في جمع التبرعات أو الحصول على أموال الناس بسيف الحياء.
أخيراً أؤكد أن بيوت الله يجب أن تظل للعبادة وفقط، وليست مكاناً لجمع التبرعات أو تلقى العطايا، والعمال والموظفين فيها، يحصلون على رواتبهم من وزارة الأوقاف، في إطار قانونى، نظير ما يقدمونه من أعمال وخدمات، وليس من مهامهم حراسة صناديق الأحذية وجمع الأموال نظير ذلك، خاصة في المساجد الكبرى، التي تدر آلاف الجنيهات شهرياً، مقابل هذه الخدمة، التي استحلها البعض دون سند، لذلك حان الوقت لتصحيح كل ما سبق، ووضع الأمور في نصابها الصحيح، والضرب بيد من حديد لكل من يخالف قرارات استغلال المساجد بأي صورة في جمع التبرعات.