يحب الناس فيروز لدرجة يختلط فيها الفنى بالشخصى، يحب الناس أغنياتها، ويحبون شخصها أيضًا، يرونها رقيقة مثل الموسيقى التى تصحب أغنياتها، ويرونها حازمة مثل الكلمات التى تشدو بها، ويرونها واضحة مثل الحالة التى تسيطر عليهم عندما يدندنون معها.
بالطبع هناك من يبالغ فى مشاعره تجاه الفنانة التى نحتفل اليوم بعيد ميلادها، فنتذكر معا قصة الشاعر اللبنانى أنسى الحاج الذى كتب فى سنة 1970 مقالة بعنوان "أحبها بإرهاب" وهى مقالة خطيرة بالمعنى الثقافي، حتى أن فيروز أصابها الغضب، وقالت إنها لن تتعامل مع الصحافة، لقد كانت مشاعر أنسى الحاج حادة جدا، عبر عنها كما أحس بها، وعبر عنها بلغة شاعرية ودلالات كان من الأفضل لو وضعها فى قصيدة وليس فى مقالة صحفية.
لكن بعيدا عن حالة أنسى الحاج، فإننى دائما ما أتأمل علاقة جمهور فيروز مع فنانته التى تصل فى معظم الأحيان للتعامل معها كقديسة، حتى أنه يقال أنها ذات مرة كانت تغنى فى البرازيل "شتى يا دنيا" وعندما بدأت فى الغناء أمطرت السماء فعلا، لا أعرف مدى الصدق ولا مدى الصدفة فى الأمر، لكن خلاصته أننا أمام حالة لا تتكرر كثيرا بين الفنان وجمهوره.
عاشت فيروز جارة للقمر ولكل شيء جميل فى حياتنا، وعاش الجمهور الواعى القادر على الانحياز للجمال.