فى تحرك مهم لاستعادة الريادة والتميز، تعلن مصر كل يوم للعالم أجمع أنها بلد العراقة والحضارة والتاريخ مهما كانت التحديات والتغيرات، فمن منا ينسى الاحتفال الأسطورى لموكب المومياوات الملكية، وكيف أظهر قوة مصر الناعمة تلك السلاح المهم الذى لا يقل أهمية عن أقوى وأعظم الأسلحة تأثيرا وخطورة، وها نحن نحتفل بافتتاح قاعة الموسيقى بمدينة الفنون والثقافة بالعاصمة الإدارية بحضور أوركسترا فيينا الفيلهارموني بقيادة الموسيقار العالمي ريكاردو موتى، في حدث مهم يعكس جمال مصر وعظمة فنها.
لتواصل مصر إبهار العالم من جديد، وهى تبنى مدينة عالمية للفنون هي الأكبر في الشرق الأوسط على مساحة 127 فدانًا بادئة بنصب إحدى مسلات الملك رمسيس الثانى، فى لمسة تحمل دلالات لا تخفى عن ارتباط المصريين بحضارتهم الخالدة، خلاف مكتبة مركزية ذات طابع فنى وثقافى، وقاعات عرض ومسارح وقاعة عرض سينمائى، وربطها بالأقمار الصناعية لعرض الحفلات الفنية المختلفة، إلى جانب متحفى العاصمة والفن، ومتحف الشمع، وعدد من المعارض الفنية، وبيت للعود وأخر للموسيقى المعاصرة.
والجمال نفسه يتجسد فى "دار الأوبرا الجديدة، والمسرح المفتوح ومسرح الدراما، والقاعات المجهزة بأحدث التقنيات، ومركز الإبداع الفنى لرعاية المبدعين واكتشاف المواهب ، ومسرح التدريب، وقاعات التسجيلات الصوتية، والقاعات المسرحية للأدوات الموسيقية والرقص الكلاسيكى والحديث، إلى جانب الغابة الشجرية.
وما يستحق التقدير، هو متابعة الرئيس السيسى المستمرة لأعمال البناء والتشييد والتجهيز للمدينة، وذلك من خلال جولات تفقدية للاطلاع على الموقف التنفيذى لمشروعاتها، ما يعكس حقا حرصه على الإبداع والفن ومواكبة سير الحضارة والعبور بالوطن إلى مستقبل مشرق، متسلحا بسلاح الريادة والتميز.
ليصبح السؤال الأهم الذى يطرح نفسه الآن في ظل هذه القدرة على تحقيق الإبداع رغم التحديات، لماذا تم التفريط خلال العقود الماضية فى سلاح "القوة الناعمة" سواء فى الدراما أو الفنون أو السينما؟ رغم أننا فى عهد سابق كنا على القمة على المستوى الإقليمى لمدة تزيد على 6 عقود قبل وبعد ثورة 1952؟، لكن ما يحدث الآن يبعث الأمل من جديد ويخفف الحسرة على ما فات، لأنه بفضل الله وبفضل الجهود المبذولة، مصر نحو الريادة والتميز من جديد في ظل جمهورية جديدة تنشد الجمال في ربوع مصر المحروسة.
وأخيرا، نستطيع القول، إن مصر الآن فى ظل وجود قيادة سياسية تسعى بكل قوة إلى تعظيم دور المؤسسات الحضارية والأثرية والثقافية والفنية، لإعادة تشكيل الوعى والفكر المصرى، وإعادة صياغة القواعد الحضارية بشكل يواكب العصر، لتستمر مصر فى احتلال صدارة الواجهة العالمية كأداة من أدوات قوتها الناعمة، ولتعيد رسم دوائر اهتمامها لتتطابق مع مصالحها الوطنية العليا في ظل بنائها لجمهورية جديدة قائمة على بناء الإنسان والحجر معا..