قرأنا ودرسنا عن شعراء المهجر، وهو المصطلح الذى كنا نطلقه على الشعراء العرب الذين عاشوا وكتبوا شعرهم وكتاباتهم فى البلاد التى هاجروا إليها وعاشوا فيها، ويطلق اسم شعراء المهجر عادة على نخبة من أهل الشام خاصة اللبنانيين المثقفين الذين هاجروا إلى الأمريكيتين (الشمالية والجنوبية) فى الفترة بعد سنة 1870 ميلادية.
فهل تغير العالم الآن، ولم يعد لدينا كتاب يبدعون فى مهاجرهم البعيدة؟ هذا السؤال فكرت فيه كثيرا، وبالطبع لا أملك إجابة قاطعة، هو سؤال يمكن للمهتمين والمطلعين على الثقافات الغربية والشرقية أن يجيبوا عليه بشكل علمى.
أما أنا فالسؤال دفعنى لتأمل شريحة الكتاب العرب الذين يعيشون فى الخارج وأتابعهم، فلم أجد سوى الكتاب الذين بدأوا شهرتهم من بيننا ثم سافروا بقصد الهجرة أو العمل ولا يزالون يطبعون أعمالهم فى بلدانهم أو حتى يطبعون فى الخارج، لكن تواصلهم مع بيئتنا لا يزال قائما، فهل هناك أسماء أخرى، نشأت فى البيئات الغريبة ومارست الكتابة هناك بلغة البلاد التى يعيشون بها لكنهم يوظفون العالم الذى جاءت منه أصولهم؟ حتما يوجد هذا النوع من الكتاب فهو ضرورة ثقافية.
ربما يمثل ما أقوله دعوة لنقادنا الكبار والشباب أيضا، للباحثين فى الجامعات وللمؤسسات الثقافية المختلفة أن تبحث عن هذه الوجوه الثقافية، ستجد الكثير ستعرفنا بهم، وسنعرف نحن كيف يفكر أبناء الوطن الذين غادروه، وسنعرف مكانتنا الفعلية فى عالم المعرفة، كما أنهم سيتحدثون عن قضايا كبرى على رأسها الهوية.