مؤكد أن الثورة التقنية الحديثة، ووسائل الحداثة متمثلة في "الإنترنت ومنصات السوشيال ميديا"، جعلت العالم بمثابة قرية صغيرة، وأحدثت تقاربا بين الشعوب والثقافات، وسهلت الحصول على المعرفة والمعلومات بشكل أسرع ومباشر، وهذا إن كان يعد شيئا إيجابيا لكنه في نفس الوقت يمثل خطورة حقيقية على تشكيل وعى الأفراد ومصداقية المعلومات وصلاح المجتمعات.
فمن منا ينكر حجم البيانات والمعلومات على الشبكة العنكبوتية، ومن منا ينكر سهولة الوصول إلى إجابة أى سؤال بضغطة واحدة على الإنترنت، لتكون جملة "اسأل النت" جملة تعيش معنا في المنزل وفي الشارع وفى العمل، فور الرغبة عن معرفة معلومة أو البحث عن إجابة سؤال، فمثلا، فور شعورك بأعراض مرض أو خروجك من مختبر طبى فأنت لا تنتظر الذهاب أو رأى الطبيب، إنما تتجول بين المواقع والمنصات لتعرف ماذا بك وماذا تقول الفحوصات؟ وكذلك حال رغبتك في البحث عن معلومة ثقافية أو تعليمية أو جغرافية تجد ما لذ وطاب بضغطة واحدة أيضا على ما يسمى بـ"الكيبورد".
خلاف تصفح مواقع ومنصات التواصل الاجتماعى، والتى وصل لحد الإدمان، وكم المعلومات والبيانات والمعرفة والأفكار والسلوكيات التي تمر على عيون وعقول المتصفحين من كل التخصصات والمجالات، سواء الترفيهية أو الدرامية أو العلمية أو الثقافية، فما بين المشاهدة والسماع والقراءة تمتلئ العقول ويتشكل الكيان والوجدان وتعزز ثقافات وتهدم هويات.
فتأتى جملة "اسأل النت" أسلوب حياة في المجتمع الآن، لكن يجب علينا إدراك ما تمثله هذه الجملة من جوانب سلبية أو ما تحققه من مخاطر جسيمة، في ظل ما تعانيه مواقع التواصل الاجتماعى من سطحية المعلومات وعدم الاعتماد على التوثيق والتحقق، فالكل يتكلم ويتحدث ويفهم، والكل يحكى تجاربه وخبراته ويمارس هوياته دون ضابط ولا رقيب، وهنا مكمن الخطورة، نعم مكمن الخطورة لأن حال عدم التأكد والبحث الجاد ستقع حتما ضحية، حيث يتملئ عقلك بمعلومات مغلوطة أو بمعرفة مزيفة أو بأفكار ضالة، ما يؤثر بالغ الأثر على كيانك بل يهدد حياتك ومستقبلك.
وأخيرا، نقول لمن يدمن جملة "اسأل النت" عزيزى، اعلم أن العالم الآن أصبح بين يديك أو في جيبك، وأن "السوشيال ميديا" بحور شتى، وشوارع مليئة بالقبح والجمال، ولا تنسى أبدا أن العمق المعرفى ما زال موجودا فى الكتاب، وأن الأمان هو البحث عن المصدر الحقيقى للأخذ به مهما كانت التكلفة.. فاحذروا "اسأل النت" يرحمنا ويرحمكم الله..