فى إبريل الماضى، كان المصريون على موعد مع حدث الإبهار والشعور بالفخر والاعتزاز، وهم يشاهدون احتفالية نقل المومياوات الملكية من المتحف المصرى بالتحرير، إلى المتحف القومى للحضارة المصرية بمنطقة الفسطاط، وأجزم أن الاحتفال كان من السحر والابهار والامتاع، بما فاق التصور والخيال، وساهم فى رفع منسوب الفخر والاعتزاز، وأيقظ الشعور الوطنى لمعدلات غير مسبوقة.
وأمس الأول الخميس، كان المصريون على موعد مع حدث حضارى آخر، يختلف فى الشكل والتفاصيل، ويتفق ويتسق فى الجوهر، وأنه جزء من نفس التاريخ والحضارة التى دشنها الأجداد، منذ أكثر من 3 آلاف و500 عام، وهو افتتاح طريق الكباش الرابط بين أهم معبدين من المعابد المصرية القديمة، تاريخيا ومعماريا وفنيا، الكرنك والأقصر.
ولا نبالغ، إذا أكدنا أن حدث افتتاح طريق الكباش، والذى شرفه بالحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى، ونقلته العشرات من محطات التلفزيون العالمية، وشاهده أكثر من مليار شخص فى العالم، أعاد شحن بطاريات الزهو والفخر والاعتزاز بأننا كمصريين ننتمى لوطن عظيم، التصق وجوده بوجه وجود الكون، وأن مصر أيقونة التاريخ.
الحدثان، احتفالية نقل المومياوات الملكية، وافتتاح طريق الكباش، ما كانا أن يظهرا للنور لولا وجود قيادة تتمتع بالرؤية الثاقبة، تمزج الماضى بالحاضر، فى سيمفونية متناغمة عظيمة، تحمل رسائل ودلالات، بأن مصر القديمة، وما قدمته من حضارة عظيمة، قادمة بقوة، وتسطر لنفسها حضارة جديدة، تعد امتداد لحضارتها العظيمة، من خلال ما يحدث حاليا على الأرض من إنجازات تندرج فى خانة المعجزات، لتكون «جمهورية جديدة» فى تواصل حضارى مدهش.
رسالة عظيمة، أن المصريين يشاهدون إنجازات الأجداد، فى تدشين حضارة عظيمة الأثر تاريخيا، وصارت مثار فخر وعزة وكبرياء، ثم يرون الآن، وبأم أعينهم، ما يحدث فى مصر من إنجازات فاقت الخيال، لتسطر حضارة حديثة ومواكبة لمتغيرات الزمن، ومتطلبات العصر، ليمتد الحبل السرى الحضارى إلى قرون آخرى، ويأتى المصريون فى المستقبل يتحاكون عن عظمة تأسيس العاصمة الإدارية الجديدة، وتأسيس أكثر من 32 مدينة ذكية ومتطورة فى محافظات مصر المختلفة، بجانب عظمة شبكة الطرق والكبارى والأنفاق، والمشروعات القومية فى مختلف المجالات.
مصر قديما أبهرت العالم، وكانت أيقونة التاريخ، ثم تبهره حاليا بما يحدث من معجزات فى كل مناحى الحياة، بفضل قيادة واعية تتمتع برؤية ثاقبة، وإرادة سياسية فلاذية، واستطاعت أن تمزج الحضارة القديمة بالمعاصرة، وتبعث برسالة قوية بأن الحبل السرى ما زال ممتدا وينبض بالحياة والحيوية والنشاط، منذ أن دشن المصرى القديم حضارته، قبل 6 آلاف عام، ومستمر حتى كتابة هذه السطور.
حدث افتتاح طريق الكباش، ليس فقط سيجعل من محافظة الأقصر «متحفًا مفتوحا».. أو كما وصفه الخبير الآثرى، الدكتور زاهى حواس بأنه «أهم مشروع أثرى فى القرن الحادى والعشرين».. أو بما تضمنه من عناصر إبهار، وما قدمه من فقرات مبهجة عظيمة الأثر فى النفوس، وإنما فى تقديرى، هو حدث يمزج الماضى بالحاضر والمستقبل، ويقول للدنيا كلها، مصر العظيمة ستظل عظيمة ودرة تاج التاريخ عبر العصور المختلفة.. وأن من راهن على سقوطها فى تسونامى 2011 كان رهانا رخيصا، وأنها اليوم، عادت أقوى وأكثر ازدهارا وتقدما وشبابا.
ويتبقى فى الأخير، أن من الواجب تقديم كل الشكر والامتنان، للجنود الذين خططوا ونفذوا حدث افتتاح طريق الكباش، ومن قبله احتفالية نقل المومياوات، وحفل تدشين مشروع القرن «حياة كريمة» وغيرها الكثير من الاحداث المهمة، والمبهرة.. جنود تتمتع بالابداع والقدرة على تقديم كل ما هو جديد، ومبهر ومبهج.