عظيم هو حق الجار، والأعظم هو الإحسان إليه، وعدم إيذائه، وإكرامه، وعدم الإساءة إليه، تخيل أن سيدنا جبريل عليه السلام ينزل من فوق سبع سماوات عشان يوصى النبى محمد صلى الله عليه وسلم على الجار، لدرجة إن النبى ظن أن جبريل هيخلى الجار يورث فى أموال جاره، فيقول صلى الله عليه وسلم: "ما زال جبريل يوصينى بالجار، حتى ظننت أنه سيورِّثه".
القرآن الكريم يتحدث عن عظيم حق الجار، فقد أوصى الله تعالى بالإحسان إلى الجار فى سورة النساء فقال سبحانه: "وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِى الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِى الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ".
رسول الله صلى الله عليه وسلم، يطالب بإكرام الجار وعدم إيذائه مطلقا، بل حذر من يفعل ذلك بأنه فى النار، فنراه صلى الله عليه وسلم يربط بين الإيمان وإكرام الجار، ربطا وثيقا، فيقول: (مَن كانَ يُؤْمِنُ بالله والْيَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا، أوْ لِيصْمُتْ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جارَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ)، وعن أبى هريرة رضى الله عنه، قال: "قال رجلٌ: يا رَسولَ اللهِ، أن فُلانةَ يُذكَرُ مِن كَثرةِ صَلاتِها وصَدقَتِها وصيامِها، غيرَ أنَّها تُؤذى جيرانَها بِلِسانِها.. قال صلى الله عله وسلم: "هى فى النَّار"ِ.. قال: يا رَسولَ اللهِ، فإنَّ فُلانةَ يُذكَرُ مِن قِلَّةِ صيامِها وصَدقَتِها وصَلاتِها، وإنَّها تَتَصدَّقُ بالأَثوارِ مِن الأَقِطِ، وَلا تُؤذى جيرانَها بِلسانِها؟ قال: "هى فى الجنَّةِ".
وحق الجار أن تكف عنه الأذى، وهذا أقل ما تفعله تجاه جارك أن لم تكرمه فلا تؤذيه، بقول أو فعل وأن تتغاضى عنه، وتتغافل عن زلّاته وتكرمه وتحسن إليه، وتحميه أن تعرض لخطرن وتلقى عليه السلام حينما تراهن وتحترمه، وتزوره أن هو مرض وتشاركه فرحه وحزنه وتواسيه إذا وقع فى مصيبة، وتغض بصرك عن محارمه، ولا تتبّع عوراته، وتدعو له وترفق به، وتستر عليه إذا ظهرت منه معصية.
ومن أجمل ما قال الإمام الشافعى: وعيناك إن أبدت إليك معايبا... فدعها وقل يا عين للناس أعين.
أيها الجار، خد بالك مع جارك، لا تؤذيه .. أكرمه .. تجاوز عنه .. حب له الخير كما تحبه لنفسك .. قف بجانبه في مشاكله .. احفظه في أهله .. قل له قولا طيبا .. سلم عليه .. استره ولا تتبع عوراته.