التنمر الإلكترونى والتحكم بالسياسة، والتأثير على طبيعة التفكير البشرى، مجرد مخاطر عادية للغاية، لمشروع مارك زوكربيرج، الجديد «ميتافيرس»، إذا ما وضعنا فى الاعتبار المخاطر الخفية الكارثية للعالم الافتراضى الجديد، منها على سبيل المثال، زواج الإنسان من آلة، وتأجيل كتابة نوع الطفل، ذكرا أو أنثى فى الأوراق الرسمية، حتى يستقر فى يقين الوالدين مدى ميوله الجنسية، مع مرونة تغيير الجنس حسب رؤية الطفل عندما يصير شابا، ما يعنى التوسع فى منح حقوق ضخمة للمثليين.
ليست هذه كل المخاطر، بل مجرد بعض من المعلومات المتناثرة، وما خفى كان أعظم، فالتجارب فى خطة «ميتافيرس»، متعددة وتسير بقوة، ولا تقتصر على مجرد تطوير «نظارة» العالم الافتراضى للتحكم فى الخلايا العصبية، وما يعيشه، ولكن هناك أبحاثا متعلقة بكل العلوم الإنسانية، والطبية، والأديان السماوية، والأرضية، جميعها تسير وفق رؤية العالم الافتراضى، لذلك لا تتعجب فى أن تجد رجال دين، مشايخ وقساوسة وكهنة يعكفون على تقديم أبحاث دينية للعالم الافتراضى «ميتافيرس» تتعلق بمفهوم جديد للحلال والحرام، كون أن العالم الافتراضى، لا بد له من أن يضم - بجانب كل وسائل الحياة - الجانب الروحى المتمثل فى الأديان، وربما نجد ديانات جديدة يُروج لها الـ«ميتافيرس».
هذا ليس من بنات أفكارى، أو اجتهادى فحسب، ولكن ما يعتقده أستاذ الذكاء الاصطناعى والحوسبة المكانية فى جامعة «ليفربول هوب» الدكتور ديفيد ريد، إذ يرى بأن الـ«ميتافيرس» خطر داهم، ويعمق مشاكل وسائل التواصل الاجتماعى الحالية، مثل مخاوف خصوصية البيانات والتنمر الإلكترونى، والتأثير السياسى، والقدرة على معرفة تفكير ورغبات البشر، وترجمتها فى معلومات مهمة وخطيرة.
المرعب أيضا، عكوف كبار علماء الطب فى التخصصات المختلفة - على رأسها التخصص النادر «علم الجينات» - على محاولة لتغيير شكل بعض الحيوانات والحشرات، لتناسب العالم الافتراضى الجديد، وربما تعقبها خطوات فى تغيير الجين البشرى، وتحويره وفقا لمتطلبات الـ«ميتافيرس»، وتأثرا بـ«النظرية الداروينية» وهى النظرية الشارحة للتطور البيولوجى المنسوبة لتشارلز داروين، وجوهرها أن جميع الكائنات الحية تنشأ وتتطور من خلال عملية الانتقاء الطبيعى للطفرات الموروثة.
انطلاقا مما ذكر، يمكن استخلاص الإجابة الشافية عن سر رصد مارك زوكربيرج 100 مليار دولار كميزانية لإنشاء هذا التطبيق واستحواذه على العديد من الشركات المتخصصة فى مثل هذه التقنيات.
والمعلوم بالضرورة، أن «ميتافيرس» مصطلح تمت صياغته فى رواية الخيال العلمى «تحطم الثلج»، والتى كتبها نيل ستيفنسون، عام 1992 وتضمنت تفاعل البشر مع شخصيات خيالية «آفاتار»، ومع برمجيات فى فضاء افتراضى ثلاثى الأبعاد مشابه للعالم الحقيقى.
وفى الأخير، نختم بتصريح خطير لمارك زوكربيرج، لم يتوقف أمامه الكثيرون عقب إطلاق مشروعه الافتراضى، عندما قال نصا: «من يموت فى الميتافيرس، من الممكن أن يموت فى الواقع»، وهو تصريح شارح واضح وجلى، لا يحتاج لتفسير، ويشير إلى مدى الاستغراق المحتمل للمستخدمين فى الواقع الافتراضى حتى الموت!