الطعمية واحدة من الأكلات المصرية الشهيرة، التي تحبها جميع الطبقات الاجتماعية، ولها جماهيرية واسعة باعتبارها طبق مميزة على وجبة الإفطار، فالكل يشتاق إليها ساخنة في ظل أجواء الصقيع التي نعيشها هذه الأيام، وحبذا لو كانت "مقرمشة"، حتى باتت رائحتها علامة مميزة يسيل لها اللعاب، إلا أن الزيوت المستخدمة في "الطعمية" جعلتني كمواطن يحبها أن أتخذ خطوة للوراء، وأبدأ مقاطعة مفتوحة من هول ما قرأت وشاهدت.
قبل نحو شهر تقريبا، نشرت محافظة الجيزة خبراً قصيراً عن نجاح مركز ومدينة أوسيم، في ضبط وغلق وتشميع مصنع يُدار بدون ترخيص، لتعبئة الزيوت المستخدمة بالمنازل والمطاعم وإعادة تعبئتها مرة أخرى وبيعها للمستهلك عن طريق "البقالة التموينية"، بعدما تبين أن صاحب المصنع يمتلك محل بقالة تموينية بالقرب من مصنع الزيت المضبوط، وتم تحرير المحضر للمنشأة المخالفة.
الخبر الذي أرسلته محافظة الجيزة ونشرته الصحف كان مصحوباً بفيديو مصور لواقعة الضبط الخاصة بمصنع الزيت المغشوش، ويظهر المنتج خلاله بلون شديد الاصفرار، بالإضافة إلى وجود ترسبات في أسفل الزجاجة وكأنه مخلوط بدهون نباتية تعرضت لعمليات هدرجة غير مطابقة للمواصفات الفنية، التي يجب أن تتم تحت إشراف ورقابة من وزارة الصحة والجهات المعنية بسلامة الغذاء، إلا أن كل هذا لم يحدث، وصار زبائن المصنع الأساسيين من أصحاب المطاعم، الذين يحصلون عليها بربع الثمن!
الزميل سيد الخلفاوى، المسئول عن تغطية أخبار محافظة الجيزة في انفراد، أبلغني أن هذا النوع من مصانع الزيوت يعمل أغلبه بدون ترخيص، وينتشر في مراكز وقرى شمال وجنوب الجيزة، وتزيد زبائنه نظراً لرخص المنتجات، بغض النظر عن مستوى الجودة، وبعض هذه المصانع تكشفها مباحث التموين ووزارة الصحة وجهات الحكم المحلى، والبعض الآخر يعمل تحت بير السلم، ويمارس نشاطه في سرية وتكتم.
من واقع الفيديوهات التي نشرتها محافظة الجيزة ووثقتها لعملية ضبط مصنع الزيت المغشوش، يمكنك أن تتصور حجم الأورام السرطانية التي انتشرت مؤخراً، كما يمكنك أن تجد تفسيرات لحالة الحموضة المرعبة، التي تتملكك عقب شراء بضعة أقراص من الطعمية أو البطاطس المقلية من أحد المطاعم، خاصة المنتشرة على الأرصفة، أو المجاورة لعربات الفول، وزبائنها من الطبقات الكادحة، التي تبحث عن وجبة غذائية مُشبِعة بأقل التكاليف، حتى وإن كان مستوى الجودة محدود.
لن تجد أبداً مطعم يبيع الطعمية والفول، يستخدم الزيوت التي نعرفها جميعاً بأنواعها المختلفة، سواء كانت ذرة أو عباد شمس، لكن غالباً ما ترى "جراكن" ضخمة، بها زيوت داكنة اللون، أقل جودة، يحصلون عليها بثمن بخس، وهذا مصدر خطورة كبير على الصحة العامة، يجب أن نتنبه له جميعاً، فمع الأضرار التي تجلبها الزيوت النباتية والمهدرجة من ارتفاع الكوليسترول ومستويات الدهون في الدم، تعتبر أيضا مصدر أساسي ورئيسي في أورام المعدة، التي باتت منتشرة بصورة خطيرة، نتيجة الأطعمة والمأكولات، التي لا تتوافر فيها الاشتراطات الصحية، لهذا وجب التحذير من "الطعمية"، معشوقة المصريين.