"الصعيد بينور" من جديد، هكذا المشهد الآن في الجنوب، مع الافتتاحات الضخمة لمشروعات الكهرباء، وحجم الإنجاز والاعجاز الذي يحدث في الجنوب، حيث شهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، افتتاح عددا من المشروعات الجديدة التابعة لقطاع الكهرباء في محافظات الصعيد، منها مراكز التحكم والمحطات الجديدة مثل محطة محولات إسنا الجديدة، ومركز التحكم في نجع حمادى.
لك أن تتخيل، أن نحو 40 شركة عالمية، اختارت منطقة "بنبان" فى محافظة أسوان، لإنشاء أكبر مجمع لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، باعتبارهما أكثر المناطق تركيزاً لسطوع الشمس على وجه الكرة الأرضية، وفقاً لدراسات وتقارير وكالة ناسا الفضائية، وبعض المؤسسات العلمية العالمية.
والسد العالى الجديد كما يطلق عليه المسئولون هو مشروع يعمل على إنتاج طاقة تعادل طاقة السد العالى فى توليد الكهرباء، من خلال الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة فى صحراء جنوب مصر.
ويستهدف مشروع الطاقة الشمسية إنتاج 2050 ميجا وات بما يعادل إنتاج السد العالى من الطاقة والذى يبلغ 2100 ميجا وات، وتم دخول 1465 ميجا وات مؤخراً إلى الشبكة القومية للكهرباء للاستفادة منها، بعد إنتاجهم بواسطة 32 شركة بمشروع الطاقة الشمسية بنبان، وهى بمثابة "أكثر من نصف إنتاج السد العالى".
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، وإنما شهد الصعيد وجود مركز التحكم الإقليمى بمركز سمالوط شمال المنيا، الذى يعد نقلة نوعية كبيرة فى التحكم فى الكهرباء ويخدم عدد من المحافظات، حيث بلغت التكلفة الإجمالية للمركز 104 مليارات جنيه، وتم تنفيذه لخدمة 5 محافظات المنيا ، بنى سويف ،الفيوم ، أسيوط ،الوادى الجديد، ويختص المركز بالاشراف على أعمال الصيانة لخطوط ومحطات منطقة كهرباء مصر الوسطى، وأهمية المركز تكمن في التعامل بأقصى سرعة ممكنة فى حالة الطوارئ المختلفة فيما يخص منطقة كهرباء مصر الوسطى، فضلًا عن تقليل زمن الأعطال والمناورات التى تتم لتغيير الأحمال، وتقليل الفقد فى الشبكة، والمساهمة فى تقليل زمن عودة التيار بعد قطعه من خلال اكتشاف الانقطاع والعمل على حل المشكلة دون الإبلاغ عنها من المواطنين.
ما يحدث الآن في جنوبنا الطيب، أمر يدعو للفخر والاعتزاز، ويؤكد أن الدولة تعمر في الجنوب والشمال بنفس القوة، وأن عجلة الإنتاج والمشروعات، لن تهدأ ولا تتوقف، وأن بلادنا ينتظرها مستقبل واعد في كافة المجالات.
هذا الإنجاز، يجعلنا نتذكر "حواديت" أهالينا في الجنوب عن الكهرباء قبل عشرات السنوات من الآن، عندما كانت الكهرباء تزور حواضر المحافظات كالضيف الخفيف، بينما القرى والنجوع تعيش في الظلام.
أتذكر من ضمن ما تردد من "حواديت" وقت طفولتنا، تلك الحيلة الذكية من أهالي قريتنا شطورة شمال محافظة سوهاج، عندما علموا بمرور وزير الكهرباء وقتها بطريق القاهرة ـ أسوان، المار بقريتنا التي لم تكن الكهرباء موجوده بها وقتها، فاختمرت في ذهن أحد رموز القرية "الحاج كمال حسن علي" فكرة، كتابة طلبات للوزير لإدخال الكهرباء للقرية، وتقديمها للوزير لدى مروره بالقرية، حيث خرج الأهالي وقد أشعلوا مصابيحهم لاستقبال الوزير، وقدموا له الطلبات فأعجب بصنيعهم، فوجه بدخول الكهرباء للقرية، لتكون من أولى القرى على مستوى الجمهورية التي دخلتها "الكهرباء"، بعدما دخلها "نور العلم"، حيث خرجت ما يربو على 500 أستاذ جامعي و200 صحفي وعلماء وأدباء.
"الكهرباء"، التي كانت تزورنا مثل الضيف المتعجل، في عهد "الاخوان"، حيث كان انقطاعها عن الصعيد في شهور الصيف بمثابة عقاب قاسي، باتت الآن متوفرة على مدار السنة، لا تنقطع ولا تغيب، حاضرة وقوية، يتم دعمها بمشروعات جديدة، وانجازات متعاقبة، من أجل إنارة الصعيد مجددًا.