الدولة الفارسية تثبت كراهيتها للحياة
لا يشترط أن تكون صاحب اتجاه مخالف للاتجاه السائد فى إيران، لكى يتم العصف بك من موقعك والتنكيل بك فى حياتك، فقط حاول أن تفرح قليلا لتجد نفسك مطرودا من رحمة المرشد الأعلى مزفزفا باللعنات محاطا بالإفشال من كل جانب، فلائحة الجرائم العبثية تتضاعف فى إيران بشكل هستيرى، ولن يبقى إلى تجريم كل وسائل الحياة للتحول إيران إلى دولة الموت الأكيد بعد أن كانت من أجمل دول العالم وأجملها، فخورة بفنها الراقى وحضارتها المزدهرة.
يقول الخبر، أعلنت وكالة هرانا الحقوقية أن السلطات الإيرانية فصلت 7 شباب من الجامعة بسبب ظهورهم فى كليب رقصوا فيه رقصات شعبية فى إقليم مدينة زاهدان، ووفقا للوكالة فقد أصدرت لجنة تأديبية قرارا بحرمان 5 طلاب من الدراسة فى الجامعة لمدة ترمين، وحرمان 2 آخرين من ترم داخل الجامعة. وتداولت مواقع التواصل الاجتماعى الفيديو الذى يظهر فيه الشباب يرقصون على موسيقى شعبية فى حديقة فردوسى ويظهرون رقصات خاصة بإقليم سيستان وبلوشستان، وفى الحقيقية فإننى أرى فى هذا الخبر العديد من المعانى المستترة التى يؤكد أن كل «الدول الدينية» واحدا، يتبعون نفس الأساليب وينتهجون نفس النهج، لا فرق بين دولة سلفية أو دولة شيعية، لا فرق بين صهيونية أو داعشية، كلهم يكرهون الحياة، كلهم يعبدون الموت، كلهم يعادون الفن.
هذا ما يفعله أبناء الدولة الدينية، يحرمون الرقص حتى التقليدى منه وينسفون مستقبل من يجرؤ ويرتكبه وكأنه ارتكب جريمة، تخيل مثلا لو أنك فى فرح ما فى بلدك فى صعيد مصر، وأثناء الاحتفال بأخيك أو قريبك مارست رقصة «التحطيب» التى يفضها الصعايدة، وفى نشوة الفرح صورك أخيك ونشر الصور على مواقع التواصل الاجتماعى، وفى النهاية وجدت نفسك مفصولا من جامعتك أو مطرودا من عملك، لا لشىء إلا لأنك فى «دولة المرشد» فى نسختها الإيرانية.
مثل تلك الإجراءات تؤكد أن هناك عداءً واضحاً للحياة فى قلب كل المتعصبين دينياً، لا نفرق بين أحد منهم، وهو أمر بلا شك كفيل أن يجبرنا على تغيير وجهة نظرنا فى هؤلاء المتعصبين، فبدلا من أن ننظر إليهم باعتبارهم «متطرفين» لابد أن ننظر لهم باعتبارهم مرضى نفسيا بالاكتئاب الذى قد يتحول إلى سادية مع مرور الزمن، فعداوة الحياة تجلب حب الموت، والغريب فى أمر هؤلاء أن عشقهم للموت لا يقف عن حد، فمثلما يعادون الحياة ويجردون غيرهم من كل مظاهرها المبهجة، يفضلون الموت لأنفسهم أيضا بارتكاب الجرائم الانتحارية، وهو ما يؤكد أن الفساد الإنسانى كامن فيهم وأن المتطرفين أخوة مهما ابتعدت المشارب.