بسنت خالد التي أنهت حياتها بتناول حبوب غلال سامة، أكبر دليل على أخلاقيات وقيم هشة تنتشر بين بعض الفئات في مجتمعنا، وتجعل تصرفا تافها من شاب أرعن، يتسبب في تخلص فتاة بريئة من حياتها.
بسنت خالد ضحية للتربية البالية التي تقنع الفتاة بأنها ضعيفة بسبب كونها فتاة، ولأنها فتاة فأي شيء يمكن أن يجرحها ويتسبب في انهيارها حتى ولو كان كذبا، ولكونها فتاة يكون من السهل اتهامها، ومن الصعب أن تدافع عن نفسها، وحتى لو دافعت عن نفسها وبرأت نفسها، تظل وصمة العار عالقة بها، لماذا؟.. لأنها فتاة.
بسنت خالد ليست قضية تخص عائلتها والشاب الذي رفضت الارتباط به فظلمها، لكنها قضية الفتيات اللاتي يعشن وسط فئات تربي بناتهن باعتبارهن ضعفاء ومكسورات الجناح، كما يتم تربية الأولاد على أن الفتيات ضعيفات يسهل جرحهن والضغط عليهن وابتزازهن.
بسنت خالد وفقا للقانون كانت تستطيع أن تتصدى للصور المفبركة التي نشرها شاب لها على مواقع التواصل ببلاغ للنيابة، لتضع الجاني في السجن وتسير مرفوعة الرأس، لكنها تربت على أن الفتاة التي يطولها الوصم لا يمكن لها الفكاك حتى لو تمت تبرئتها.
بسنت خالد فتاة صغيرة وبريئة قتلها الجهل والاستهتار وانعدام التفكير المنطقي وسط من حولها من أهالي القرية، الذين أقسمت لهم في رسالة الوداع أن الصور مفبركة، ما يدل على أن محنة الفتاة كانت في تصديق الأهالي لهذه الصور. وكتبت أيضاً: "ماما يا ريت تفهمينى.. مش أنا البنت دي".
ألم يخطر في بال أحد من أهلها وأهالي القرية الذين انتشرت بينهم صورها المفبركة، أن يتأكد من حقيقة هذه الصور، وأن من نشر الصور هو الجاني ويجب عقابه، لو فكر الناس من حولها بهذه الطريقة لاستطاعوا إنقاذها من الاكتئاب والانتحار، ولاستطاعوا عقاب الجاني بالطرق القانونية، لكن يبدو أن كثيرين بيننا لا تعوقهم القوانين ولا الظروف المادية ولا أي أسباب سوى طريقة تفكيرهم ونظرهم للأمور، ولاسيما الأمور المتعلقة بالشرف ووصمة العار.
أيها الناس، ربوا بناتكم أنهن أقوياء بالعقل والإرادة والمنطق، ربوا بناتكم أنهن أقوى من الكذب والافتراء والتزوير، لا تقنعوهن بأنهن "ولايا مكسورات الجناح"، لكن أقنعوهن أنهن قويات بما لهن من حقوق إنسانية، وبما حولهن من عائلة وأهل ووطن متحضر لا ينطلي عليه الكذب والتزوير والتشهير والابتزاز.