في جلسة جمعتنى بعدد من أصدقاء تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين فى مدينة شرم الشيخ، وقبل ساعات من بدءً فعاليات منتدى شباب العالم، كان الحضور يصنع نوعا خاصا من المبارزات الفكرية في غاية الدقة، و هم جميعا من أبناء بيئات سياسية متنوعة، وقد تكون متعارضة أيضا، بل منهم من نشأ سياسيا فى وقت قريب، لكن الناتج الفعلي عن حديث الأصدقاء هي الإشارات المتداخلة من نواب مجلس الشيوخ النائب الغالى أكمل نجاتى والنائب محمود القط والنائب محمد السباعى والنائب علاء مصطفى، ويحمل جوهر تلك الإشارات فكرة التأريخ للأحداث، وهو الباب الواسع لفكرة القراءة الجيدة للأجيال الحالية، و مع ثراء الجلسة و مداخلات نائب محافظ بني سويف بلال حبش، ونائب محافظ قنا حازم عمر، والصديق مؤمن سيد عضو التنسيقية، كان الحديث شيقا للغاية، وفي وقته تماما.
ولأن الاعتقاد الشعبي السائد بأن القراءة الحقيقية المتعمقة قد قلت محليا، أو أن هناك تصورا عن اضمحلال ثقافى يتماشى مع موروث الذوق العام المتراجع ، فنحن فى الحقيقة لا ننظر لجوهر صفات الشعب المصرى الضاربة فى التاريخ ، فالمصريين عموما ويقينا شعب يتباهى بالاجابات الذكية، ويعشقون لعبة الألغاز والفوازير، و يسيرون سيرا وراء المعلومة، وليس بالضرورة أن تكون مهنة الباحث عن المعلومة لها علاقة بالمعلومة نفسها، لكن الشغف الحاضر بين ضلوع المصريين شغف له أبعاد فضولية كبيرة.
ولك أن تتخيل لو أن أي سياسي أو صحفى أو شخصية عامة، جلست فى إحدي الجلسات العائلية أو جلسات الأصدقاء، ستجد سيلا من الأسئلة ذات البعد الكبير من شخصيات لا ناقة لها ولا جمل فى الحياة العامة عموما، وكل إشارات المبارزات الفكرية فى حديث المصريين عموما، تؤكد أن القراءة لن تنتهى، ولذلك فليس هناك عصر أخير للكتابة، بل أظن أن تلك الفكرة نفسها، فكرة اختفاء القراء والكتاب قد وردت لمؤرخين مصريين طوال ألاف السنوات، ورغم ذلك استمرت الكتابة والقراءة الحقيقية والمتعمقة فى كافة أشكالها .
والقراءة هنا ليس المقصود بها أدب الروايات أو ثقافة الجرائد، بل أقصد القراءات المتشعبة والمتخصصة، وكافة أشكال القراءات التى تؤكد أن المصري مهما مر عليه من مراحل تاريخية سواء صعودا أو هبوطا، فلديه أرضية فى غاية القدم، قد لا يشعر بها معظم الوقت ، لكنها تحضر دون أن يدري فى وقت لا يوجد له تمهيد، وتنفجر بكل مافيها من طاقات مخزنة، ولذلك الوقت نكتب ونسجل.