ينتابنى شعور دائم بأن الخديوى عباس حلمى الثانى، الذى عاش فى الفترة من "1874- 1944" وحكم مصر فى الفترة من "يناير 1892 حتى ديسمبر 1914" يحتاج إلى اهتمام أكبر من الباحثين والمؤرخين، لأسباب عدة منها شخصه.
لقد كان عباس حلمى الثانى ابن الخديوى السابق توفيق الذى توفى فى عز شبابه، فوجد الشاب الذى يبلغ الثامنة عشرة من عمره نفسه يحكم مصر فجأة بدون مقدمات، وعندما تولى وجد أن الإنجليز يحكمون أيديهم على كل شيء، وأن الوزارات والمستشارين يتبعونهم، فأراد أن يغير كل ذلك.
فى شبابنا الأول تلقينا معلوماتنا عن عباس حلمى الثانى من الأعمال الدرامية، وأذكر الربكة التى أصابتنى عندما شاهدت مسلسل قاسم أمين، حينما وجدت غضبًا كبيرًا من الخديوى على أفكار قاسم أمين، كانت هذه أول الصدمات فى شخصية الخديوى الشاب الذى كنت أظنه تلميذًا للإمام محمد عبده، ويحمل فى داخله جانبا تنويريا كبيرا.
بعد ذلك اطلعت على بعض ما كتب حول عباس حلمى الثانى، فوجدت الكثير من التناقضات، فهو بالفعل كان يقف ضد الإنجليز ويحاول قدر الإمكان الذهاب بمصر خطوة للأمام، ولكن مذكراته لا تقول لنا إن رؤيته كانت واسعة جدًا.
ومع ذلك أجدنى عادة منحازا له مقارنة بمن سبقه وبمن لحقه من حكام أسرة محمد على، ولكن المؤرخين والباحثين بالتأكيد يعرفون أكثر، وحتمًا سيفيدوننا على أن تكون كتبهم وأبحاثهم متاحة وليست مجرد رسائل علمية فى "خزانات الجامعات".