الذوق العام هو مجموعة السلوكيات والآداب العامة التى تعبر عن قيم ومبادئ وأخلاقيات المجتمع وتكشف عن هويته، والمتتبع لما يحدث الآن في الشارع وعلى السوشيال ميديا، وفى العلاقة بين أفراد المجتمع بل العلاقة بين أفراد الأسرة نفسها، يجد للأسف خللا في الذوق العام، وغيابا حقيقيا للثقافة الإنسانية في كثير من السلوكيات، وخاصة على منصات السوشيال ميديا، وفى سلوكيات الحياة بشكل عام.
فكم نعانى من تصرفات خادشة للحياء على منصات السوشيال ميديا، وتلفظ الشباب بألفاظ غير لائقة في الشارع دون اعتبار لكبار السن واحترام الآداب العامة، والكارثة أنها تتضمن تصرفات ذات طبيعة جنسية مما يتطلب دق جرس إنذار، وكذلك هناك سلوك أخر يهدم الذوق العام وهو تعمد رفع صوت الموسيقى وأغانى ما تسمى بالمهرجانات في الشارع وفى وسائل المواصلات وفى إقامة حفلات الزفاف والخطوبة، ناهيك عن حالة الضوضاء المستفزة في المحلات التجارية حتى أثناء أوقات أذان الصلاة.
وكذلك تصرفات البعض بقيامهم بالبصق وإلقاء المخلفات دون وعى في الشوارع وأمام المنازل وعدم تكليف أنفسهم بإلقائها في الأماكن المخصصة لها، في مشاهد مؤسفة، بل تتكرر هذه المشاهد في وسائل المواصلات عندما يلقون الركاب مخلفات فى الشارع وكأنهم لا يقترفون جريمة فى حق المجتمع.
وإذا كانت الشهامة والمروة سمة يسعى إليها الجميع، إلا أننا نشاهد مثلا في المترو إهدارا لقيمة الذوق العام، حيث يتم إشغال مقاعد كبار السن من الصغار من خلال حالة لامبالاة تامة من قبل البعض وتجاهل أن هذه الأماكن مخصصة لكبار السن وذوى الاحتياجات الخاصة، ناهيك عن احترام آداب المجالس، فلا توقير ولا احترام.
وكم نعانى أيضا من ارتداء اللباس غير اللائق في أماكن العامة، ونموذجا "البنطلون المقطع" التي يحرص كثير من الشباب على ارتدائه بزعم إنه موضة، وكذلك لباس بعض الفتيات الخادشة للحياء، والتى لا تتناسب مع طبيعة المرأة والتقاليد التي تنص عليها أعراف المجتمع والثوابت الدينية، بل أن الخطورة في أن البعض يرتدى ملابسا تحمل عبارات أو صور تخدش الذوق العام.
ونختتم مقالنا، بذكر مشهد مأساوى نتمنى أن لا نراه، لأنه فعلا أصبح ظاهرة آخذة في الاتساع، وهى التلفظ الغير لائق في الأماكن العامة، من ألفاظ سيئة السمعة أو المخالفة للشرع والأصول والتربية السليمة، والعجيب أنه يتشارك في هذه الظاهرة الكبير والصغير، فنجد أطفالا يسبون ويتلفظون بألفاظ صعبة للغاية وكأنها شيء عادى، ونجد أيضا كبار يتلفظون بأشياء لا تتناسب مع الوقار والاحترام، ومكمن الخطورة أن هذه الظاهرة طالت المجتمع الأنثوى فنجد من تتلفظن بألفاظ وكأنها نسيت نفسها أنها أنثى، وأخيرا لا صلاح للمجتمع إلا بصلاح ذوقه العام، وكما قال نبينا الكريم: «حُسنُ الأدبِ زِينةُ العقلِ»..