خلال أيام يحتفل معرض الكتاب بـ يحيى حقي كشخصية لهذه الدورة منه، وحين أخذت الصحافة ومنصات الإعلام والمواقع الإلكترونية في الاحتفاء به، رحل عن عالمنا د. جابر عصفور.. وبين هاتين القامتين الثقافيتين بون شاسع سواء في المدارس الفكرية أو في الإنتاج المكتوب أو في ظروف النشأة أو في الأجيال، لكن بينهما صلة وثيقة للغاية.. إذ أن كليهما شغل مناصب ثقافية مؤثرة في زمنه..
حقي فى الخمسينات والستينيات، وعصفور في التسعينيات ونحو 15 عاما من القرن الواحد والعشرين.. حقي وصل إلى رئاسة مصلحة الفنون ورئاسة تحرير مجلة المجلة بعد ذلك.. وعصفور شغل منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة ثم وزيرا للثقافة.. اتيح للاثنين إذن قيادة العمل الثقافي كل من مواقع مختلفة.. مختلفة في مجالها ومختلفة في مسافتها من السلطة.. غير أن كليهما كان مؤثرا في العمل الثقافي.. كلاهما اكتشف اقلاما شابة واتاح لها فرصا ضخمة للنشر وللظهور.. وكلاهما بشر بقلمه عبر مقالاته بالأصوات الأدبية الجديدة.. ومكن لها في الأوساط الأدبية.. وبالتالي فقد أسهم كلاهَما بصورة مباشرة في (التأسيس الثقافي) لمصر.
السؤال هنا.. لماذا تمكنت الدولة المصرية من تصدير اسمي يحيى حقي وجابر عصفور للعمل في المؤسسة الثقافية الرسمية ولم تعد أسماء مماثلة من حيث الضخامة والتأثير تتقدم للعمل الثقافي؟.. أين العيب تحديدا؟ اعتقد ان العيب ليس في منظومة الاختيار.. بل أن العيب في ندرة الأسماء الكبيرة التي تستطيع قيادة الدفة الثقافية في مصر الان.. وكأن المنبع جف.. وان كانت مصر ولودا وستظل.. فاين العيب مجددا؟ العمل الثقافي يحتاج إلى نظرة جديدة.. محاولات حقيقية لإعادة اكتشاف الكوادر والدفع بها بجرأة إلى صدارة العمل الثقافي.. نأمل في ذلك!