يعرف الجميع أن مكتبة الأسرة التى تصدرها الهيئة المصرية العامة للكتاب، من أفضل المشاريع الثقافية التى حدثت فى مصر فى السنوات الأخيرة، وربما كانت فى وقت ما هى الحسنة الأشهر التى يشار إليها عند الحديث عن النظام السابق وعلاقته بصناعة الثقافة فى الشارع المصرى، وفى الحقيقة ما زالت حتى الآن المنفذ الرئيسى لكثير من القراء والمثقفين فى اقتناء وقراءة الكتب مرتفعة التكلفة التى تطبعها دور النشر الخاصة بأضعاف ما هى موجودة فى الهيئة، كما أنها خلال مشوارها الطويل حرصت على طباعة أمهات الكتب وأفضلها، كما راعت التنوع الثقافى، ومهما قلنا عن هذا المشروع الضخم ثقافيا فلن نوفيها حقه أبدا، فهو مشروع ثقافى متكامل قدم خدماته كاملة فى الحياة المصرية.
والجميع يعرف أيضا أن مكتبة الأسرة فى الفترة الأخيرة لديها عدد من المشكلات الكبرى المتعلقة بالتمويل، فالمشروع قديما كانت له أكثر من جهة تمويلية تساعد فيه، وتسعى للمساعدة من أجل القابضين على زمام البلد، وطبعا من الواضح أنهم كانوا يفعلون ذلك خشية أو طمعا وليس حبا للثقافة أو رغبة فى صناعة مثقفين، لكن هذا للأسف لم يعد موجودا الآن، لذا ترددت أقاويل على أن مكتبة الأسرة تم تقليل ميزانيتها إلى 10% من الميزانية القديمة، فى الحقيقة ليس لدى دليل على ذلك، لكن المسؤولين اعترفوا بأن هناك مشكلات تتعلق بالتمويل تواجه المشروع الأهم والأشهر فى هيئة الكتاب.
فى الهيكلة الأخيرة التى قامت بها الهيئة لسلاسلها ومجلاتها وإصداراتها الثقافية التى تم فيها دمج وتقليص السلاسل إلى 22 سلسلة بدلا من 34 سلسلة، وحدث جدل طويل فى هذا الأمر بين موافق ورافض، لكن الملاحظة المبدئية التى غابت عنى ولم ألتف إليها فى هذه الهيكلة هو أنه لم يرد ذكر لمكتبة الأسرة، وفى الحقيقة لا أعرف هل ذلك يعنى أنها مشروع منفصل لا علاقة له بلجنة النشر أو بعمليات إعادة الهيكلة، أم أن ذلك يعنى أن المشروع مستقر وليس فى حاجة للكلام عنه، على العموم الصمت التام عن المشروع يعد أمرا مقلقا، لأن الأمر كان فرصة جيدة والجميع عيونهم على هيئة الكتاب أن تثار قضية مكتبة الأسرة وأزمة تمويلها.
وكما قلنا مكتبة الأسرة صنعت معظم المثقفين الذين يملأون الأرض المصرية الآن، وعليه فإن مشكلات مكتبة الأسرة تهمهم جميعا وتخصهم، لذا ندعو المسؤولين إلى أن يصرحوا بمشكلات المشروع إن وجدت، وعلى الدولة أن تتدخل وعلى رجال الأعمال الانتباه لهذا الأمر، وأن يشاركوا ويتبرعوا لهذا المشروع الضخم الذى لم يفقد قيمته أبدا، ليس المطلوب من رجال الأعمال أن يحبوا الثقافة، لكننا نطالبهم فقط بالمشاركة فى إيجادها.